مريم و٦٠٠ قرص خبز
من الفجر وحتى قبل الغروب بقليل، لم تكن مريم(٣٢عاما) تفارق تنور الخبز، كان عليها، كل نهار، أن تصنع ٦٠٠ قرص خبز لصالح إحدى مستشفيات صنعاء؛ ذلك كي تأمن ،بالمقابل، مأوى وطعاما لعائلة من ولد وثلاث بنات وزوج شبه مُقعد
” وفروا لنا بيت وأكل وشرب مقابل أن أخبز لهم، كم كان مرهقا فعل ذلك، لكنني بذلت ما في وسعي خشية الجوع و التشرد، ولم تكن الساعة تبلغ السادسة صباحا إلا وقد صنعت٢٠٠ فطيرة، و٢٠٠ أخرى إلى تمام الحادية عشرة ظهرا، ثم مثلها في الساعة الخامسة من عصر كل يوم، كنت أقضي كامل النهار على هذا النحو، واقفة وعلى مقربة من الحر الشديد”.
لم تستطع مريم، كما أخبرتنا، تحمل ذلك العمل المضني سوى نصف شهر، تقول بإن قدميها تورما حتى لم تعد تقوى على الوقوف، وما دام بقاؤها في المنزل مشروطا ببقاء لهب ذلك التنور مشعلا فإنها ولمجرد إخمادها خسرت كل شيء دفعة واحدة” خرجتُ من هناك وأنا لا أدري إلى أين سنذهب، وبقدر ألمي على رؤية الأطفال مشردين تألمت أكثر لانكسار زوجي العاجز عن توفير المأوى والطعام لهم”.
دام تشرد العائلة أسبوعا كاملا، قضوه في مسجد قريب ولدى إحدى صديقاتها، وحتى بعد العثور على منزل للإيجار لم تكن المشكلة قد حُلت، حيث اشترط المالك دفع ٢٠ ألف ريال/ إيجار شهر مقدم، تقول مريم:
” لم يكن هناك من خيار، قررت بيع اسطوانة الغاز الوحيدة التي نملكها، إلا أن إحدى الأخوات تكفلت بدفع المبلغ، والآن لا أدري كيف سأتدبر إيجار الأشهر القادمة “.