في اليوم العالمي للطفولة.. أطفال اليمن الأكثر بؤسًا وموتًا في العالم

هئية التحرير - محمد المياس

صورة لـ طفل من ابناء قرية الشقب - تعز تصوير : خالد السعيد
0 722

في اليوم العالمي للطفولة.. أطفال اليمن الأكثر بؤسًا وموتًا في العالم

عضو هئية التحرير – محمد المياس

يأتي اليوم العالمي للطفولة 2020 وأطفال اليمن الأكثر موتًا على مستوى العالم، مع استمرار الحرب وانتشار الأوبئة، والأمراض في البلد، لاسيما المجاعة التي تفاقمت وباتت تهدد حياة الملايين منهم.

على الرغم من المكاسب التاريخية التي تحققت للأطفال منذ اعتماد اتفاقية حقوق الطفل قبل 31 عامًا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن اليمن لا تزال ضمن أسوأ البلدان للأطفال في العالم من حيث الأمان وانتهاك الحياة بين لحظة وأخرى، وحرمانهم من الحقوق كـ التعليم، والتغذية، والصحة، والحماية، ولا يعرفون سوى الموت والدمار.

الحرب جحيم للأطفال

ألقت الحرب الدامية في اليمن بظلالها المأسوية على كل مناحي الحياة الإنسانية، لتكوي بلهيب نارها المستعرة منذ ستة أعوام كل اليمنيين دون استثناء، إلا أن الأطفال دفعوا الفاتورة الأكبر لها.

رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة أحمد القرشي يقول في حديثه لـ ” Humans Of Taiz ” : “أطفال اليمن هم المتضرر الأكبر من الحرب الدائرة منذ عام 2014 وقد انعكست عليهم في مختلف مجالات حياتهم وأثرت على حقوقهم الأساسية بشكل كبير وخطير وغير مسبوق”.

وأضاف القرشي: ” هناك مئات الآلاف من الأطفال محرومون من حقهم في التعليم بسبب الخرب وهناك نحو 3 ملايين طفل غير قادرين على الذهاب إلى المدارس بشكل صحيح والآلاف من الأطفال سقطوا ضحايا مابين قتيل وجريح ومشوه”.

وأردف:

” أدت الحرب إلى ارتفاع معدل تجنيد الأطفال وإشراكهم بالنزاع المسلح بـ 5 أضعاف ما كان عليه قبل 2014″.

فيما قالت الناشطة الحقوقية حوريه وابل لـ ” Humans Of Taiz “: “الحرب أثرت كثيرًا على الأطفال في اليمن بل أن آلآف الأطفال سقطوا ضحايا ما بين قتيل وجريح بسبب القصف الذي يستهدف الأحياء السكنية والقنص مشيرةً أن الأطفال هم من يدفعون الفاتورة الأكبر للحرب كونهم أكثر معاناة وأكثر ضحية “.

وأضافت: ” حتى اليوم مايزال الكثير من أطفال اليمن يذهبون إلى المدارس رغم الاستهداف والقصف وهناك أطفال سقطوا ضحايا إثر استهداف المدارس وهذا ما لاحظناه في بداية العام الدراسي الجديد”.

ومنذ نوفمبر الماضي وحتى اليوم حققت اللجنة الوطنية للتحقيقات في اليمن، في سقوط 661 طفل من الجنسين نتيجة القصف والتشويه وانفجار الألغام والتجنيد والتعذيب والعنف الجنسي، من بينها 149 حالة تجنيد واستخدام الأطفال في الحرب، و145 قتيل بسبب القذائف والألغام، وجرح وتشويه 367 طفل/ة إضافة إلى الاعتداء على تسع مدارس أساسية وحرمان الأطفال من التعليم فيها كما جاء في تقرير اللجنة الصادر اليوم بالتزامن مع اليوم العالمي للطفولة.

وأعربت اللجنة الوطنية للتحقيق عن قلقها إزاء حجم الانتهاكات والتجاوزات التي يعاني منها الأطفال في اليمن وشدتها وتواترها والتي أكدتها مخرجات جلسات الاستماع والوقائع التي انتهت اللجنة من التحقيق فيها منذ بداية عملها مطلع 2016 وحتى اليوم.

كما أعلنت منظمة “سام” اليمنية الحقوقية، أن عدد الأطفال الذين قُتلوا في اليمن منذ بداية الحرب بلغ أكثر من 5700، ودعت الأمم المتحدة إلى “إدراج الأطراف كافة ضمن القائمة السوداء لمنتهكي جرائم الطفولة”.

جاء ذلك في تقرير لمنظمة “سام” للحقوق والحريات ( منظمة غير حكومية مقرّها جنيف)، بمناسبة اليوم العالمي للطفل الذي يوافق 20 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام.

وأوضح التقرير أن “أكثر من 30 ألف طفل تعرضوا للانتهاك خلال الحرب من قبل أطراف النزاع في اليمن”.

أمراض وأوبئة

ست سنوات مرت، والطفولة في اليمن بين مطرقة الحرب وسندان الأوبئة الأمر الذي رسم مشهدًا مؤلمًا لأطفال اختطفت أرواحهم أو أصيبوا بعاهات دائمة، وآخرين يعيشون تحت وطأة الأمراض والأوبئة.

حيث قال رئيس منظمة سياج لحماية الأطفال أحمد القرشي في تصريح خاص لـ ” Humans Of Taiz ” ” انتشرت الأمراض والأوبئة في اليمن وكان للأطفال النصيب الأكبر من المعاناة والعدد الأكبر من الضحايا”.

وبحسب إحصاءات وزارة الصحة في عدن، فإن أكثر من 100 ألف طفل يموتون سنويًا نتيجة بعض الأمراض الفتاكة خاصة سوء التغذية والإسهال، بالإضافة إلى الحميات.

ورصدت منظمة الصحة العالمية، 913 حالة وفاة بالكوليرا في اليمن، و696 ألفا و537 حالة يشتبه إصابتها بالوباء، خلال عام 2019.

وقالت المنظمة، في تقرير لها، إن “الأطفال دون سن الخامسة شكلوا 25.5%، من إجمالي الحالات المشتبه بها”.

سوء تغذية

تصوير خالد السعيد

تفاقمت مسببات سوء التغذية في اليمن في 2020 مع تفشي فيروس كورونا والتراجع الاقتصادي والسيول وتصاعد القتال والنقص الكبير هذا العام في تمويل المساعدات مما زاد وضع الجوع سوءًا الأمر الذي ألقى تحذيرات أممية بأن البلد يقترب من أزمة طاحنة في الأمن الغذائي.

‏أشواق محرم طبيبة يمنية وناشطة في مجال حقوق الإنسان في حديثها لـ “Humans Of Taiz “: “الوضع اصبح أسوأ وانعدام الرواتب والحصار أديان إلى ارتفاع الأسعار وانعدام المشتقات النفطية مما فاقم ذلك من معاناة الشعب”.

وتضيف محرم : ” البرامج الإنسانية رغم شحتها إلا أنها كانت تساعد في توفير ولو الشيء القليل لبعض الأسر من المواد الغذائية ولو لفترة بسيطة، ولكن الآن أصبح عدد الجياع كثير والمعاناة أشد”.

واختتمت محرم حديثها بقولها: ” الوضع كارثي؛ رسالتي لأطراف النزاع أن يوقفوا الحرب وأن يفكوا الحصار عن الموانئ وتفتح المطارات، وتدفع رواتب الناس”.

فيما تقول هيلي ثورنينغ شميدت، الرئيسة التنفيذية لمنظمة “انقذوا الأطفال” (سيف تشلدرن) الخيرية:  إن “الملايين من الأطفال لا يعرفون متى يحصلون على وجبة غذاء قادمة، وهل أنهم سيحصلون عليها أصلا؟”.

وتضيف: “في أحد المستشفيات التي زرتها في شمالي اليمن، كان الأطفال من الضعف والهزال بحيث لا يستطيعون الصراخ، بعد أن ضعفت أجسادهم جراء الجوع”.

وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم- وأن نحو 9 ملايين يمني مهددين بفقدان إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، ويمكن أن يتوقف علاج أكثر من مليون طفل يعانون من سوء التغذية.

 

آثار نفسية

تظل للحروب أوجاعها الخفية وآثارها الموسومة على القلب، وفي اليمن أطفال يعايشون حربًا لم تتحمل أرواحهم هول الصدمة، والمشاهد المرعبة، والمعاناة المتفاقمة، والحرمان فـ اقتحمت نفسياتهم وأجسادهم معًا وكانت قلوبهم أصغر من أن تتحمل كل ذلك.

ويقول المدرب في الجانب النفسي لدى منظمة اليونسيف في اليمن عبده سعيد سالم في حديثه لـ “Humans Of Taiz” : يعيش الأطفال في اليمن حالة نفسية صعبة جدًا ففي حالة عملي بالمساحات الصديقة للأطفال المراعية لمصلحة الطفل الفضلى مع منظمة اليونسيف لاحظت الكثير من الأطفال في حالة نفسية غير عادية مثل الإنطواء وغياب تام للوعي إضافة إلى العدوانية وممارسة سلوكيات خاطئة وأحيانا قد يؤذون أنفسهم”.

فيما يقول مدير إدارة البرامج والمشاريع في منظمة يمن الطفل والشباب مختار الوجيه لـ Humans Of Taiz “أثرت الحرب نفسيًا على الأطفال في اليمن وفي مدينة تعز فقط أثرت الحرب على الآلاف من الأطفال حيث سجلت المنظمة نحو 7000 طفل وطفلة من المتأثرين نفسيًا في مدينة تعز مشيرًا إلى أن العدد أكثر من ذلك بكثير”.

ويضيف الوجيه: ” الآثار النفسية جعلت هؤلاء الأطفال يتبولون لا إرادياً أثناء النوم وأثناء سماع الرصاص والانفجارات إضافة إلى الإصابة بالتهابات الكبد”.

أطفال معيلون

في اليمن أينما وليت وجهك ستجد عمالة الأطفال أمامك منتشرة، في أماكن لا يتصورها عقل، فلا يكاد يخلو بيتاً في اليمن من طفل يعمل في ظروف لا يتحملها حتى الكبار، يتعرضون خلال هذه الأعمال لشتى أنواع المضايقات والإهانات،، فقدوا فيها ما تبقى من براءة الطفولة.

وفي حديثها لـ “Humans Of Taiz” قالت الحقوقية حوريه وابل ” أن آلاف الأطفال أصبحوا يعيلون أسرهم مشيرةً إلى أن الكثير منهم أجبروا على ذلك نتيجة لفقدان عائلهم ومنهم من دفعهم آبائهم للعمل بسبب بطالة الآباء أو انقطاع مرتباتهم”.

وأضافت: ” نحن نشاهد كل يوم الأطفال وهم يعملون في الشوارع في عملية غسل السيارات أو في المطاعم وفي الورش، ويقومون بأعمال شاقة أكبر من سنهم، ويتعرضون أيضا للاستغلال من قبل أرباب العمل”.


وفي مطلع 2020 أكدت منظمة العمل الدولية أن 1.4 مليون طفل يعملون في اليمن محرومون من أبسط حقوقهم، الأمر الذي يثير حالة من الطوارئ تستوجب تحركاً دولياً للمساعدة على الحد من هذه الظاهرة، وأن نحو 34.3 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 و17 عاماً يعملون باليمن، مشيرةً إلى أن العدد في ارتفاع متواصل.

وقال رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة أحمد القرشي، “إن عمالة الأطفال في اليمن تزايدت خلال فترة الحرب بنسب قد تتجاوز خمسة أضعاف ما كانت عليه قبل عام 2014، مؤكدًا أنها نسبة مخيفة، وتفرز كوارث اقتصادية وأمنية في الحاضر، والمستقبل”.

بينما توقع مسؤولون بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لـ “الشرق الأوسط” ” أن عدد الأطفال العاملين باتوا حاليا ما بين أربعة إلى خمسة ملايين طفل عامل على مستوى اليمن، بسبب ما آلت إليه أوضاع البلد الاقتصادية جراء الحرب الدائرة حاليا، إضافة إلى أوضاع الفقر وتدني مستوى الوعي بخطورة العمل المبكر للأطفال”.

ويشهد اليمن بعد ست سنوات من النزاع أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، إذ تقول إن ما يقرب من 80% من إجمالي السكان -أي 24.1 مليون إنسان- بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية.

اترك تعليقا