رافقتْ حنينُ أمها المصابة بفيروس كورونا إلى مركز العزل بمستشفى الجمهوري وسط مدينة تعز جنوبي اليمن.
كانت تجلس إلى جوار سريرها من الصباح وحتى قبل الغروب بقليل، ليأتي الأب ويكمل ما بدأتْه، لكن من خلف باب المركز نظرا لسنّه الكبير.
العائلة بمن فيهم الأم كانوا في البداية رافضين دخولها المستشفى. فعلى الرغم من أنها أصيبت نهاية مارس/ آذار من العام الجاري، أي في الموجة الثانية للفيروس؛ إلا أن إشاعات من مثل ” مَن يدخل المشفى يخرج منه جثة“ كانت لا تزال، حتى ذلك الحين، محل تصديق.
في الأثناء وبينما هم مكتفين برعايتها في المنزل، كانت نسبة الأكسجين لديها قد انخفضت إلى (45) لحظة قيامهم بإسعافها. ولأنها، أي الأم، تعاني أمراضا مزمنة كالسرطان والسكر؛ توفيت في خامس يوم من دخولها العزل. حسب قول قريبة لها.
الأكاديمي في علم الفيروسات والكائنات الدقيقة، أحمد سلطان، شعر بأسف بالغ لرحيلها الذي وصفه بـ” المؤلم“. لكنه مع ذلك أبدى استياءه الشديد من سوء تصرّف مسوؤلي مركز عزل مستشفى الجمهوري.
تساءل باستغراب
” كيف وافقوا على أن تصبح الشابة حنين وسيلة لنقل العدوى؟!“
سلطان، يشدد على أنه لا يجب السماح ”بزيارة“ المعزولين لإصابتهم بفيروس كورونا إلا تحت شروط تعقيم صارمة، بل يُفضل على ذلك، النظر إليهم عبر جدار زجاجي عازل.
جدير بالإضاح ربما، أن مراكز العزل ليست نفسها مراكز الحجْر الصحي. العزل هو استراتيجية لفصل المصابين فعليّا بمرض مُعدٍ عن الأشخاص الأصحاء للحيلولة دون انتقاله إليهم. بينما يُستقبل في المحاجر أولئك الذين يحتمل أنهم تعرضوا للمرض. وفقا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وفي الواقع، ترتكب مراكز العزل في عموم اليمن مخالفات كثيرة، توثَّق منها معد القصة، في مسألة فصل المصابين عن غيرهم.
بالطبع، لا تقتصر المخالفات عند السماح لواحد/ة من أهالي وأقارب المصاب/ـة بزيارته فحسب، إنما وقضاء ساعات إلى جواره. الأمر الذي قد يجعل منهم وسائل جيدة لالتقاط العدوى ونشرها خارج المراكز، وبدرجة أكبر داخل عائلاتهم.
يبرر المرافقون معارضتهم بقاء المصاب لمفرده داخل مراكز العزل بتدني مستوى الرعاية هناك، ذلك فضلا عن مخاوف لها علاقة بشائعات حقنة الرحمة.
ومع أن مسؤولي المراكز يمانعون من حيث المبدأ وجود أشخاص أصحاء من غير الفريق الطبي داخل الغرف المعزولة. إلا أنهم كالمعتاد لا ينكرون وجود بعض الاستثناءات.
في تعز، ذات الكثافة السكانية العالية، واجهت السلطات خاصة الحكومة المعترف بها دوليا انتشار الوباء في موجتيه الأولى والثانية بثلاثة مراكز عزل. مركز المخا في الساحل الغربي ومستشفى خليفة بمنطقة التربة الريفية وثالث في مستشفى الجمهوري.
قالت طبيبة في مركز عزل الجمهوري، لا ترغب في نشر اسمها، إن المرافقة داخل غُرف العزل بصورة عامة ”ممنوعة منعا باتا للحد من انتشار الوباء“.
لكنها عادت لتكشف عن خرقهم القاعدة ”في حال إذا امتلك المرافق شهادة تمريض على الأقل “.
وهو ما لم ينفه نشوان الحسامي مدير المستشفى نفسه.
قال للمُعِد :” بالنسبة لنا في مركز العزل(…) نسمح لمن لديهم الوعي أو صلة بالسلك الطبي بأن يرافقوا المريض من أول يوم مع أخذ التدابير الوقائية مثلهم مثل الفريق الطبي“.
بخلاف ذلك، تتحدث بشرى الزريقي استنادا على تجربة تطوعها كممرضة في المركز عينه، :” الي عنده وساطه يدخل عادي، لا شهاده ولا شي، بدليل مرافقة حنين لأمها وهي غير متخصصة بمجال الصحة وفي حالات غيرها“.
وتوضح الزريقي(اسم مستعار):” بس تلاقي واحد معه مرافق وثلاثه لا وهكذا، وطبعا الي يدخلوا ملتزمين نوعا ما بوسائل الحماية“.
ولا يختلف واقع الحال في مناطق سيطرة جماعة أنصار الله الحوثيين، عنه في نطاق سيطرة الحكومة المعترف بها.
يؤكد عبدالله، أخصائي رعاية تنفسية، والذي عمل في عدة مراكز للعزل بصنعاء وسط اليمن، ضمنها مستشفى 22 مايو، السماح للمرافقين بالدخول في حالة إصرارهم أو كان لهم وسيط، ذلك مع إلزامهم قدر الإمكان باتباع التدابير الوقائية.
في المقابل، وبذات صرامة الأكاديمي أحمد سلطان، تؤكد صابرين اليوسفي، طبيبة عام، إنه لا يجب أن يسمح للمرافقين بدخول مراكز العزل في أي حال من الأحوال.
تشير اليوسفي إلى أن عامة الناس لا يملكون معدات وقاية شخصيه متكاملة، ”وإن كانت لديهم فهم عاجزون عن فهم كيفية ارتدائها والتخلص منها بالشكل الصحيح“. حد قولها.
تضيف؛” إن سُمح لهم فسيشكل عبئ على المرفق الصحي ويؤثر على عمل الكادر ويزيد خطر انتقال الوباء إلى خارج المرفق“. وذلك بالفعل ما حدث مع من رافقوا مصابين في أحد مراكز العزل، لقد أصيب أفراد عائلة حنين كلّهم على سبيل المثال.