القصور الكُلوي وكورونا، أيهما يفتك بحياة مريم!
رأفت الوافي- تعز
العيش بكلية واحدة تهديد محتمل للحياة، أما الفشل الكلوي فهو بمثابة اقتراب سريع من الموت.. الفشل الذي يفقد المصابين الراحة، ويجعلهم تحت رحمة ألم مستمر لا سيما خلال عمليات الغسيل الكلى التي يخضعون لها أسبوعياً أو كل يومين في الأسبوع؛ لكن الأشد ألماً من ذلك هو عدم الحصول على الغسيل بعد أن يقطع المريض تلك المسافات الطويلة.. هذا هو الحاصل في مدينة تعز.
ولأن المدينة وقعت بين الحصار وكورونا فهذا قد ضاعف الكثير من الصعوبات على حياة الناس، وعلى عاتق هذا القسم الذي لا يزال يشتغل بالرغم من شحة الإمكانات، وفي ظل غياب دور المعنيين في مكتب الصحة.. في هذا التقرير سنتناول ما يعانيه مرضى الفشل، وما ينقصهم، وكيف انتشر فيروس كورونا وسط هذه الشريحة، الشريحة المهددة بالموت.
لمرضى الفشل مع مراكز الغسيل الف قصة معاناة وقصة في تعز.. لا لوازم طبية، لا وسائل وقاية لا شيء من الاحترازات ضد فيروس كورونا.. هؤلاء الذين يعتبرون أضعف المرضى ظلوا في تعايش يومي مع الفيروس حتى تمكن من البعض بضرب جهازه المناعي الضعيف، الغير قادر على المقاومة، يلي ذلك ضعف الجهاز التنفسي.. ولأن الأجهزة يتم استخدامها تباعاً على المرضى فإن احتمال سرعة انتقال الفيروس كبيرة.. الأمر الذي كان يهدد حياة أكثر من 220 مريضاً مِن مَن يترددون على هذا القسم.
إمكانيات شحيحة
وسائل السلامة التي تكاد تكون منعدمة عند هؤلاء المرضى، وإهمال الجهات المعنية في تقديم الدعم لمركز الغسيل في مُستشفى الثورة بتعز خلال الموجة الثانية للفيروس جعل الكادر الطبي غير قادر على التعامل والسيطرة على انتشار الفيروس..
يقول فهمي الحناني، رئيس مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الثورة:
“تسبب الوباء في إصابة 19 مريضًا بينهم طبيبة.. الحالات التي توفت عددها ثلاث وفيات وذلك نتيجة لضعف مناعة المرضى ولعدم اكتشاف الفيروس مبكرًا”.
ويضيف: “قمنا بتعقيم الأسرة والأجهزة وأخذ وسائل الوقاية الشخصية للكادر مما حد نسبياً من تفشي والوباء.. كل ما قمنا به هو عبارة عن جهود شخصية من هيئة المستشفى والكادر الطبي أما بالنسبة للدعم فأنا أوكد بأننا لم نتلقى أي دعم مخصص بكورونا لا من الوزارة ولا من سلطة تعز”.
جولة ميدانية داخل مركز الفشل الكلوي
مريم علي البالغة من العمر 50 عاماً، واحدة من اللاتي أصبن بالفيروس داخل قسم الكلى.. تروي لنا معاناتها القاسية مع الفيروس والتي استمرت لأربعة أسابيع.. تقول:
“عندما كنتُ أشعر بالحوف والقلق عندما أسمع الناس يتكلموا على الموت السريع لمرضى الفشل، بسبب ضعف المناعة”. وتضيف:
“تدهورت حالتي وانهارت يوما بعد يوم.. كنت على بعد خطوة من الموت”.
أحمد علي 45 عاما، لم تختلف معاناته عن معاناة أخته مريم.. فالفشل من جهة وكورونا من جهة ثانية.. في زحام مستمر على من يكون هو قاتل الاثنين.. يحكي أحمد لنا قصته: “ما كنت داري إننا مُصاب بالفيروس.. كان عندي موعد غسيل وعندما أخبرت الدكتور أننا تعبان ومرهق.. فوراً أخذني إلى المختبر، وهناك عملوا لي فحص وطلعت النتيجة أنني مصاب”.
وتابع: “شعرت الموت من حولي، لكن الدكتور طمأنني بأننا سوف أتعافى إذا التزمت بإجراءات الوقاية.. بقيت 14 يومًا في منزلي، ما أخرج إلا عندما أروح موعد الغسيل.. عانيت من هذا الفيروس، من إسهال، وفقدان للشهية مع صرير في المفاصل وفقدان للشم والطعم بعدها بدأت أتحسن”.
تأثير كورونا على الكليتين
لم تظهر تقارير عن تسبب فيروس كورونا في ضرر للكليتين في الحالات التي تصاحب فيها الإصابة بالمرض أعراض خفيفة أو متوسطة.. أما الأشخاص الذين يصابون بأعراض شديدة فقد وجد الأطباء أن الفيروس يسبب أضراراً كبيرة على الكليتين..
يقول يان كريستوف غاله، رئيس الجمعية الألمانية لطب الكلى: “تقريباً جميع مرضى كورونا الذين أصيبوا بإلتهاب رئوي وتعين مراقبتهم بجهاز تنفس صناعي، أصيبوا أيضا”.
تبدو الأضرار واضحة في نتائج اختبارات وظائف الكلى والتي تكشف عن تغير في بعض النسب.. هذا ما يعني أن الكليتين لن تستطيع القيام بوظائفهما بشكل كامل.. وأوضح أطباء مختصين في الكلى أن: “تم رصد عينات من الدم والبروتين في البول لدى نصف الحالات التي دخلت إلى المستشفى مصابة بالفيروس، وهو مؤشر مبكر على حدوث ضرر للكلى”.