طفل كوفيد19 غير المرغوب فيه !

قصة. عبدالملك النمري

الصورة تعبيرية من موقع freepik
0 1٬168

حتى بعد مرور ستة أسابيع وأكثر على إنجابها أسيل، ظلت إشراق ناصر البالغة من العمر 28 عاما تفسر اضطراب دورتها الشهرية بالانقطاع العادي المصاحب للرضاعة. لكن حالما برزت لديها أعراض ”الغثيان، التعب، والعطش الشديد “، أيضًا تحول ذلك الأمان القلِق إلى حاجة ملحة في اكتشاف ما يحدث.

 

دخلت ناصر في حالة صدمة وهي تنظر أول مرة في الشاشة الصغيرة لجهاز BETA-HCG الذي اشتراه زوجها من صيدلية بالقرب من منزلهما وسط مدينة تعز، وبرغم تكرار وتغيير أوقات المحاولات، إلا أن نتيجة الاختبار ظلت، على حالها، ثابتة: ”خطان بارزان

 

لاهي ولا الزوج كانا يخططان للإنجاب. لكن من سوء الحظ أنها كحال 12 مليون امرأة  في العالم، مُنعت من الإفادة من خدمات تحديد النسل نتيجة تفشي جائحة كورونا في مارس/آذار من العام الماضي.

 

أدى فرض حظر التجول والإغلاق، مع تفاوته من دولة لأخرى، إلى أن يصبح من المتعذر على النساء الحصول على وسائل تنظيم الأسرة، علاوة على عزوفهن عن زيارة المرافق خوفا من التقاط العدوى، ذلك في وقت أُجبر الرجال على المكوث أوقات أطول في المنازل،  ما تسبب بـ1.4 مليون حمل غير مرغوب فيه. حسب صندوق الأمم المتحدة للسكان.

 

الإبطاء في وصول إمدادات الصحة الإنجابية منذ بداية الجائحة إلى مستشفى السويدي بتعز جنوبي اليمن خلق له مشاكل في تقديم الخدمات، عدا أن التأثير المدمر طاله في الموجة الثانية الأشرس على المدينة.

 

يشرح عبدالمغني القياسي نائب مدير السويدي، أكبر مستشفى للأمومة والطفولة في تعز

”أصيب مايقارب 12شخص من الكادر الصحي ووصلت الإصابات إلى 30شخص مؤخرا مما سبب إعاقة كبيرة للمستشفى في تقديم الخدمات“.

 

وبينما تمكنت بعض مراكز الصحة الإنجابية من الاستمرارية رغم الجائحة، إلا أن ذلك، تبعا لإفادة ليلى الشميري القابلة ومنسقة الصحة الإنجابية بمديرية صالة شرق المدينة، لم يعن بأي حال نهاية المشاكل.

 

أوضحت” وباء كورونا أثر على قسم الصحة الإنجابية وخاصه قسم تنظيم الأسرة، لكن خوف الأمهات من الخروج إلى المراكز الفعّالة فاقم المشكلة أكثر، حتى أن أغلبهن حملن غير راغبات نتيجة لذلك“.

 

على غرار المناطق الريفية بتعز، كان تفشي الفيروس محدودا للغاية من حيث عدد الإصابات والفوبيا المرافقة، في قرى جبل صَبِر ثاني أعلى المرتفعات في اليمن والجزيرة العربية.

 

قالت منى سعيد وهي موظفة في مرفق صحي هناك”استمر عملنا على طبيعته، منظمة وفرت لنا وسائل تنظيم الأسرة وأدوات وقاية“ غاب صوتها للحظات ثم عاودت الحديث لمعد القصة” التغطية عندي ضعيفة، المهم نحن اشتغلنا أيام انتشار كورونا ماوقفناش خالص واستقبلنا جميع المستفيدات، عَملنا بالريف وليس بالمدينة “.

 

 

إنجاب مزيد من الأطفال يضاعف بالطبع من مسوؤلية الرجل ماديا، ومع ذلك فإن أعباء الرعاية المترتبة عنه في اليمن – على كثرتها- تقع عادة على كاهل المرأة.

 

هذا قد يسهل فهم لماذا لزام زوج إشراق الحياد ولم يمانع الاحتفاظ بذلك الجنين مع أن آخر مواليد الأسرة لم يكمل العام بعد، بينما حسمتْ هي أمرها وقررت سِرا ”إسقاطه“، خصوصا وأنها لا زالت في أسابيع الحمل الأولى

.” وضعتُ دبب ماء (وعاء بلاستيكي) ابو 20 لتر فوق رحمي لحتى حسيت شيء نكع“.

 

لاحقًا أخبرت زوجها الذي قام بإسعافها إلى مستشفى خصوصي بعدما تعرضت لنزيف كاد يودي بحياتها، أنها انزلقت من أعلى الدَّرَج.

 

وفي وقت لا يزال الإجهاض المتعمد، سواء أكان آمناً أم ‏لا، وصمةً قد تستوجب العقوبة في بلدان كثيرة ضمنها اليمن؛ حذرت جمعيات حقوقية من أن تقييده أثناء الوباء قد يشكل خطرا على النساء والفتيات اللاتي يعانين من صعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية.

 

تبعا للقابلة الشميري، عدد ممن تفاجأن، أثناء الجائحة، بحُمول غير مرغوب فيها انتهى بهن المطاف إلى الإجهاض غير الآمن.

 

أضافت” مع تدهور المعيشة نتيجة للحرب الدائرة منذ سبع سنوات، نساء كُثر بتعز أقبلن على استعمال وسائل تنظيم الأسرة مكتفيات بالخِلفة التي عندهن. لكن بتعذر الوصول، كما أسلفت، لجأ البعض، ممن حدث لهن حالات حمل، إلى الإجهاض فيما استسلم البعض الآخر للأمر الواقع“.

 

وفضلا عن نتائجه السيئة على صحة الأم الجسدية والنفسية، يمكن أن يؤدي الحمل غير المرغوب فيه إلى ولادة طفل حزين وربما مختل عقلياً، وفقا لأخصائيين من البرازيل، ”ذلك ناجم عن فقدان الصلة العاطفية بين الأم والجنين الذي في بطنها“.

 

عندما أُغلقت صالات الأعراس ضمن الحظر المفروض من السلطات في المدينة، أصبح الأربعيني أحمد مهدي، الذي يعمل لدى إحداها بمكتب الاستقبال، يقضي يومه كاملا مع زوجته وأطفالهما السبعة.

 

في المنزل كانت الزوجة البالغة من العمر37 عاما تتبع الإجراءات الاحترازية بصورة ” مرضية“ حد تعبير مهدي، المصاب بالسكر، خشية وصول العدوى إليه.

 

” كانت تمنعني من الذهاب إلى الأماكن المزدحمة بما فيها المسجد، وتقوم بتعقيم الأولاد مع كل خرجة ودخلة، ومع أننا سبق واتخذنا قرار إيقاف الإنجاب، تفاجأت بأنها حامل، خوفُها من انتقال الفيروس إلى المنزل منعها هي نفسها من معاودة مركز الصحة الإنجابية الخاص بها“.

 

 

وعن سبب ارتباط عمليات تنظيم الأسرة، إلى ذلك الحد الوثيق، بحصول الأمهات على الخدمات المجانية المقدمة من المراكز المخصصة، فلأنه ”من غير  المسموح توفرها في الأسواق وإن وجدت بنسب ضئيلة وأسعار باهظة جداً“. حسبما قالته إلهام مغلس رئيسة قسم الأمومة في المستشفى السويدي.

 

ومع أن ”الجَدْوَلة“(التنظيم الطبيعي) بديل جيد يمكن للأمهات اتباعه؛ غير أنها بتأكيد مغلس عديمة الجدوى الآن، توضح” لأن أغلب النساء اليوم تعاني من اضطرابات في الدورة الشهرية نتيجة لسوء التغذية والحالة النفسية غير المستقرة“.

 

 

 

ملاحظة :  ” جميع البيانات الشخصية الواردة في القصة عن إشراق ناصر في مقدمتها الاسم و السن .. غير حقيقية “

 

اترك تعليقا