كوفيد 19 يضاعف حالات الطلاق والخلع في اليمن
قصة فخر العزب
بعد شهرين فقط من زواج ”سحر” كان زوجها يغادر البلاد للاغتراب في المملكة السعودية، وبعد أن رسمت العديد من الأحلام كانت ”سحر” تصبر على غياب زوجها .
بعد عامين ونصف من الغربة عاد الزوج خاوي اليدين، بعد أن فقد عمله في المطعم الذي كان يعمل فيه والذي تم إغلاقه ضمن الاجراءات الوقائية التي تم اتخاذها لمكافحة انتشار فيروس كوفيد 19 ، ما اضطر المطعم لتسريح العاملين فيه والذي كان الزوج أحدهم.
بعد عودة الزوج من غربته دون أن ينجح بتوفير أي مبلغ مادي، ونتيجة عدم قدرته على توفير فرصة عمل بديلة، اضطرت الزوجة للتقدم للمحكمة لطلب الفسخ بعد عجز زوجها عن الالتزام بواجب الانفاق عليها، وهو الطلب الذي استجابت له محكمة غرب تعز بصدور حكم قضائي بالفسخ.
حالة ”سحر” هي حالة واحدة من آلاف القضايا التي تشهدها أروقة المحاكم في اليمن، والتي ازدادت فيها القضايا الخاصة بالطلاق والفسخ منذ بداية الحرب، لتتضاعف أعداد هذه القضايا مع جائحة فيروس كوفيد 19 والذي أثر سلبا على الأوضاع الاقتصادية لليمنيين، وهو ما انعكس أيضا على كيان الأسرة اليمنية التي شهدت تمزقا غير مسبوق.
أسباب رئيسية أثرت على العلاقات الزوجية أدت إلى الانفصال برضا الزوجين أو جبرا بحكم المحكمة ”الفسخ”،
والملاحظ أن الحرب وآثارها السلبية وكذا جائحة كوفيد 19 تعد من أبرز هذه الأسباب من وجهة نظر القاضي محمد عبدالوهاب العباسي والذي يعمل في السلك القضائي منذ العام 2015، ويعمل حاليا قاضيا في محكمة غرب تعز.
يشير القاضي العباسي إلى أن تأثير هذه العوامل على الحالة الاقتصادية أدت إلى ضعف الحالة المادية للزوج وبسبب عدم صبر الزوجة عليه يؤدي ذلك إلى الانفصال، حيث أن ما يرد إلى المحكمة من دعاوي الفسخ لأي سبب كان يتجاوز حاليا في السنة 200 قضية يحكم في أغلبها إلى الانفصال، بعكس ما كانت عليه سابقا حيث كانت لا تصل دعاوي الفسخ في السنة 100 قضية”.
يقول القاضي العباسي إن أغلب دعاوي الفسخ التي تصل إلى المحاكم أغلبها تأتي تحت طائلة طلب الفسخ لغيبة الزوج، سواء كان الزوج مجهول الإقامة داخل الوطن، أو مغتربا خارج الوطن، وطول فترة الغيبة يؤثر سلبا على الزوجة خصوصا من هن في بداية سن الزواج، يأتي في المرتبة الثانية الفسخ لتمرد الزوج عن الإنفاق على الزوجة لسبب أو لآخر، ويأتي بعده الفسخ للكراهية وهو ما يسمى بالخلع القضائي، والذي يشترط فيه لاقرار الفسخ أن تقوم الزوجة برد المهر المدفوع لها من الزوج، ويكون سبب هذا الفسخ هو الشقاق المستمر بين الزوجين”.
وتعد النفقة من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق أو الفسخ في المحاكم اليمنية، وهي حق للزوجة أكدها قانون الأحوال الشخصية اليمني والذي نص في مادته (150) أنه تجب النفقة للزوجة كيف كانت على زوجها كيف كان من وقت العقد غذاء وكساء ومسكنا وفراشا ومعالجة وأخداما والعبرة بحال الزوج يسرا وعسرا وتقدم نفقة الزوجة على غيرها من النفقات”.
الباحث الاجتماعي وائل الأصبحي قال إن واجب الزوج في الانفاق يعد من أبرز أسباب الطلاق في كل المجتمعات، وفي مختلف المراحل، وبالتالي فإن تزايد حالات انفصال الزوجين في الآونة الأخيرة في اليمن يعود إلى عدم قدرة الزوج على الالتزام بهذا الواجب، ولذا نلاحظ أن معظم حالات الانفصال هذه تأتي بطلب من الزوجة، أي أن الحكم القضائي بالفسخ أو طلب الزوجة للخلع أكثر من حالات الطلاق والذي بالغالب يكون بطلب من الزوج”.
ويشير الأصبحي إلى أن الاجراءات الوقائية التي اتخذتها معظم الدول للوقاية من فيروس كوفيد 19 قد أثرت على الوضع الاقتصادي لليمنيين داخل أو خارج البلاد، لأن فئة كبيرة من المجتمع اليمني تعيش على المردود المالي لاغتراب شخص أو أكثر من العائلة”.
ويشير الأصبحي أن تأثر الوضع الاقتصادي كسبب لانفصال الزوجين جاء مكملا بعوامل اجتماعية أخرى منها الآثار السلبية للحرب سواء في الجانب الاقتصادي أو الجانب الاجتماعي أيضا، حيث نلاحظ على سبيل المثال تزايد حالات الطلاق في حال كان أحد الزوجين ينتمي إلى المحافظات الجنوبية والآخر للمحافظات الشمالية، أو أحد الزوجين ذات توجه داعم لأحد أطراف الحرب والآخر مع الطرف الآخر”.