المرأة بين مطرقة العنف وسندان كورونا

تقرير . عمار بن جوهر - مريم المعاري

الصورة تعبيرية من موقع المركز المصري للفكر و الدراسات الاستراتيجية
0 151

المرأة بين مطرقة العنف وسندان كورونا

تقرير : عمار بن جوهر – مريم المعاري

 

 

ان قضايا العنف الممارس على النوع الاجتماعي وتحديدا النساء تحمل ابعادا كثيرة ومعقدة ولا يمكن الجزم بوجود معالجات قوية تسهم في رأب الصدع والحد منها ما لم يتم تعاضد العديد من مؤسسات المجتمع المدنية والرسمية وسن وفرض قوانين حقيقية ملزمة واعادة تأهيل المتضررين من قضايا التعنيف وهذا في الاوضاع الطبيعية فكيف بنا اذا كنا نتطرق لقضايا  العنف الذي تعرضت له النساء كواحدة من اكثر الفئات تضررا من تداعيات ازمة جائحة كورونا وما صاحبها من تموجات اسهمت في جعل المرأة تتبوأ الصدارة في سلم المعنفين نفسيا وصحيا وجسديا من الجائحة والضرر الاحق لها في ظل عدم توفر مساحلا من العدالة الاجتماعية والسلم الاهلي وغياب الدور الفعال للتراجم القانونية التي تحد من جملة الانتهاكات والعنف الذي تتعرض له النساء وما يزيد القضية حماسية هو اثارتها في مجتمعات هي سلفا تواجه كما وافرا من التحديات اهون ما يمكن مناقشته هو حرب دموية ظالمة مستمرة لسنوات عوضا عن الخصوصية التقليدية للمجتمع اليمني والالتزام الديني وتباعا يأتي أهمية الانخراط في البرامج الدولية الساعية لتمكين المرأة في مجالات مختلفة وكذا الفئات المهمشة وهذا يشكل تحديا كبيرا امام الجميع بسبب الاختلاف المطلق في  المفاهيم وليس بمنأى عن ذلك ضرورة إعادة دمج المتضررين من جائحة كورونا والذين تشكل المعنفات من النساء أولوية قصوى فيها .

  • العنف قبل الجائحة :

 

هناك خلط وتداخل في تفسير العنف الممارس على النوع الاجتماعي واشكاله وخصوصا النساء فاذا نظرنا الى واقع مجتمعاتنا المحلية لوجدناها تمارس صنوفا مختلفة من العنف بشكل اة اخر ويرجع ذلك الى عدم الكفاية في توصيف المفاهيم العامة والمشتركة والتي لا تحتاج حتى الى فهم وادراك مستفيض ففي معظم المجتمعات المحلية لا يتم النظر ومناقشة قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي بوضوح وصراحة مطلقة وشفافة مما ساهم في تشكيل صورة غير دقيقة عند مكونات النسيج المجتمعي المحلي وافقد قضايا التعنيف قابليتها واهميتها عند أبناء المجتمع وتغييب عدالتها بل وجعلت المتعرضات للعنف في احيان كثيرة هن المذنبات ويخرج المذنب بريئا وفق سياسة خاطئة أجدتها المعرفة الجزئية والسطحية او الجهل المطبق لهؤلاء ونقلهم التركيز بعيدا عن الجاني فهذا في حد ذاته سلوك تهجمي يصنف ضمن العنف الممارس على المرأة , كما يمكن ان يكون الفقر والمجاعات التي تعصف باليمن منذ فترات وحقب زمنية سابقة له اثر سلبي في الهجوم على النساء وهذا يعد مشكلة عالمية وليس حصرا على اليمن حيث وجدت بعض الدراسات  ان الفقر الصراع العنيف يزيدان من احتمالية أنواع معينة من العنف المبني على النساء , ايضا مما يزيد قضايا العنف في انحاء مختلفة هو الخوف  من فقدان السكن والخدمات الاخرى حيث ان عدم جرأة الكثير من النساء اللاتي تعرضن للعنف في التبليغ عن الاشخاص المعتدين يجعلهن اكثر عرضة للضرر , وتشير التقارير والتقديرات الى ان حوالي 7% فقط من الناجيات يبلغن رسميا عن حوادث العنف التي تعرضن لها في الدول النامية والتي تعتبر اليمن واحدة من اكثرها سلبية في هذا الصدد وهذا الرقم يعد مخيفا بالنسبة لمساءلة وحاسبة المعتدين على النوع الاجتماعي ,وكذا عدم الادراك بأن نكون واعين بالمدى الواسع من ردود الافعال تجاه العنف وتوجيهه نحو فئات معينة متضررة اساسا من عدة ملفات اخرى اضيفت لها مؤخرا ازمة جائحة كورونا وآثارها الجانبية المضرة وتبعاتها الكبيرة الجاثمة على واقع المرأة المعاش وما تتعرض له من انتكاسات جوهرية في استمرار التغييب والاقصاء .

 

 

 

كورونا والعنف المتواصل :

 

ألقت جائحة كورونا بحمل ثقيل على قضايا المرأة والعنف الموجه نحوها الى حد بعيد وتداعيات ذلك عليهن حيث تؤكد الارقام تفاقم العنف المنزلي جراء تدابير الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي الذي فرضته  تشريعات السلطات الصحية حيث يتم حبس الضحايا من النساء مع الجناة في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي واذ لا يزال المجتمع اليمني لم يعالج الاسباب الجذرية التي يتذرع بها المعتدون على النساء بعلة عدم تغيير نمط الحياة المعاش وان يقبع تحت وطأة العادات الاجتماعية التقليدية التي في غالبها وليس اطلاقا تفرض سطوة مجحفة على النساء , وطبيعة الحال تعو ان تنعكس الحرب سلبا على حياة الافراد والمجتمعات وكذا انتشار الممنوعات والمواد المخدرة وجائحة كوفيد19 أضحت تأخذ منحى آخر يهدد حياة النساء من تزايد العنف وقد أسهم في ذلك السلوكيات الدخيلة التي تعصف كرياح شديدة أقضت مضاجع وسكينة البلد .

 

تحديدا في حضرموت شهدت الفترة الزمنية الاخيرة العديد من مشاكل العنف وقضايا المرأة بين قتل وحرق وتحرش ويعود ذلك الى مسببات اهمها عدم إلمام المرأة عينها بحقوقها وواجباتها كذلك الزواج المبكر وعدم ممارسة الفتاة حقها في التعليم كقوام رئيس من حقوق المواطنة المتساوية والسلم الاهلي والمجتمعي  ومن هنا يتشكل لدى الفتاة ان الزواج عرف مجتمعي اكثر منه شراكة عادلة في بناء مجتمع واع مستنير بالحقوق والمفاهيم القانونية في الطرح والتلقي , ولا يمكن غض الطرف ان قضايا الانتهاكات المستمرة بحق المرأة متجذرة منذ زمن رغم عدم الافصاح عنها وكذا نجد ان العنف والانتهاك متواصل ايضا في اماكن العمل فقد سجلت في الفترة من 2018م الى 2019م إحصائية وصلت فيها قضايا العنف الى (64) حالة من العنف الأسري بينما خلال سنة 2020م والتي صاحبت ذروة جائحة كورونا فقد صمنا بتسجيل (102) حالة عنف حسب اتحاد نساء اليمن بالمكلا  ما يعني تفاقم الازمة والارقام .

 

الصحافة دليل الكشف والتعافي :

 

كما أسلفنا الذكر ان احصائية صادمة للنساء اللاتي يتعرضن للعنف لا يبلغن عن قضايا الانتهاك لأسباب مختلفة فإن الصحفيين يعدون دليل مفتوح للكشف عن عديد الانتهاكات وبيان حقيقتها وتقديم رفد ودعم معلوماتي لتنوير المجتمع المدني بهذه القضايا وتوفير الكفاية البيانية لهم وبجب ان تسعى الصحافة لإعداد نهج قويم يركز على نقل القضايا وتأميمها وجعلها حالات عامة من خلال الناجين من دوائر التعنيف ووضعهم في صلب عملية التعافي  مع الحفاظ على الخصوصية المطلقة للأشخاص المعنيين وتوفير الحماية لهم واحترام ان لكل احد تفاعل معين مع قضية العنف القائم على النوع الاجتماعي ويتبع لذلك مكامن قوة وضعف ويمتلك آلية وموارد تجعله يتكيف مع تجربته التي مر بها وله كل الحق ان يعرف ما ينبغي ان يتم اذاعته او جعله طي الكتمان من قبل الصحفيين مهما كان حرصهم على اظهار قضيته بوجهها الانساني والحقوقي وهذا يعطي القضايا اولوية للمصلحة العامة ويتم تطبيق المبادئ عبر توجيهها للسلامة وعدم التمييز والسرية الايجابية هذا ما اكدته الصحفية منى الشبيبي الناشطة في قضايا المرأة والحقوق وأضافت انه يتوجب على صانعي الكلمة من الصحفيين ان يستشعروا مسؤولية المهنة ويبتعدوا عن النمطية والاثارة المفتعلة في تغطيتهم للقضايا الحساسة مثل العنف على النوع الاجتماعي .

 

المعالجات وادارة الازمة :

 

انطلاقا من الاطار البيئي يمكن للنشاط المتواصل لمنظمات المجتمع المدني المهتمة بقضايا العنف والمرأة ان تلعب دورا محوريا في طرح معالجات فورية يعول عليها ان تؤسس ارضية مشتركة للحد من العنف الممارس على النوع الاجتماعي فقد قالت المديرة  القانوي لفرع اتحاد نساء اليمن بالمكلا علياء الحامدي ان الاتحاد قام بمستوى تأهيل جيد للنساء اللاتي تعرضن لاعتداءات وعنف عبر برامج اعادة الدمج والصحة النفسية وأسوة ايضا أسهمت مؤسسات أخرى في الحقل المجتمعي  بالدعم النفسي للمعنفات وأوضحت انه لا يجب الاكتفاء بهذا الدور المحدود والمؤطر بل عليهم زيادة الفاعلية بهذا الصدد لتلبية احتياجات الناجين وحقوقهم وتسهيل تعافي الافراد والجماعات الذين تعرضوا للعنف من خلال ربطهم ببرامج تأمين سبل العيش وتقديس الحقوق والواجبات المرتبطة بمستوى التأهيل المفترض .

كما يمكن وضع معالجات على مستوى المجتمع المحلي عبر تطبيق النظم والاستراتيجيات للاعتراف بحقوق النساء وتعزيزها وحمايتها والاستجابة السريعة عند حدوث الانتهاكات ويخل على ذلك تشديد دور وقدرات الجهات الفاعلة قانونيا واجتماعيا .

 

“تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا”.

 

اترك تعليقا