لنجتمع مجدداً ولو على كوب قهوة مرَّة !

أبرار بجاش

0 317

لنجتمع مجدداً ولو على كوب قهوة مرَّة !

 

“أمي لازالت تعد القهوة كل يوم؛

لكن أحدا لم يذقها،

ألم يحن الوقت لاجتماعنا من جديد

ولو على كوب قهوة

و إن كانت مرة؟!

 

هذا اقتباس من نص كتبته بيان بجاش في واحدة من ليالي خريف مدينة عدن.

بهذه الكلمات أرادت الفتاة البالغة من العمر 26عاما الاحتفال باليوم العالمي للقهوة والذي يوافق الأول من أكتوبر كل عام، قبل أن تجد نفسها تسأل بحسرة عن موعد نهاية التشظي والشتات اللذان يعصفان بالبلاد منذ سنوات.

تعمل بيان الحاصلة على ليسانس أدب إنجليزي، إدارية في إحدى الشركات التجارية الرائدة، مع ذلك لا يمنعها ضغط العمل من القيام بعدة أنشطة تطوعية في مجال التنمية و السلام.

ترى بجاش أن السلام واقعيا بات فكرة بعيدة المنال في ظل ما تعيشه البلاد من أزمات ولابد من إحيائها مرات عدة، لكن ذلك ليس عبر التلفظ بها فقط، وإنما بالعمل ”الذي يجسد هذه الكلمة على أرض الواقع ، حيث يستطيع كل منا أن يكون رسول سلام من حيث وجد“.

وبشكل عام تؤمن بيان أن نهضة المجتمعات تبدأ من تحسين جودة التعليم و زرع قيم التعايش و القبول بالآخر كأولوية لا غنى عنها ”خاصةً في ظل ما تعيشه بلادنا  و بلدان المنطقة بشكل عام“.

من هذا المنطلق لم تشأ أن يقتصر دورها المجتمعي داخل الأسرة فقط ، بل تجاوز ذلك إلى المساهمة  المجتمعية في مجالات عدة.

في حديثها عن بدايات تجاربها المجتمعية تقول: ”كأي شابة تحمل شغفا بالعلم و معرفة كل جديد كان مشواري العلمي حافل بالتحديات و العقبات التي لم يكن انقطاع الدراسة نتيجة الحرب في أحد الفترات أصعبها،  لكني مع ذلك كنت دائما أبحث عن دوري و أثري الخاص بين كل هذا الزحام“.

التطوع في التعليم و التحرير والتدقيق اللغوي هو ما كان بوسعها فعله في بداياتها، وتواصل حديثها قائلة:

”نما شغف التطوع أكثر و بدأت بالبحث عن فرص تدريبية أستطيع من خلالها أن أشق طريقي نحو التأثير على مجتمعي بشكل مدروس و عائد بالنفع علي كما هو على من حولي“.

بعد ارتباطها في وظيفتها الإدارية الحالية واجهت بجاش صعوبة في التحاقها ببعض الفرص الطوعية، عدا أن ” الشغف لا يموت“، حد تعبيرها، إذ تطوعت للترجمة والمونتاج لفيديوهات توعوية تابعة لمنظمة الصحة العالمية عن خطر كوفيد19.

في ذات الوقت ترجمت عدة مقالات اقتصادية تنموية تعنى بدراسة مؤشرات التنافسية العالمية إلى جانب تطوعها في تحرير وتدقيق محتوى صحفي في إطار صحافة السلام والمراعاة لحساسية النزاع.

وعن مواءمتها بين عملها وشغفها، توضح:” لم أجد حلا سوى التفرغ لعملي نهارا ومتابعة نشاطي التطوعي في المساء ،الأمر قد يبدو مرهقاً للوهلة الأولى خاصة لامرأة عاملة و ربة أسرة؛ لكنه بالنسبة لي تحول إلى جرعة سعادة و هدف مختلف في هذه الحياة“.

نظمت بيان زيارات لدور العجزة تهدف لمنحهم الدعم النفسي و كذا المادي، إلى جانب حملات المناصرة لدعم الحقوق والحريات، كما ساهمت وفريقها في مبادرة “إعمار عدن الشبابية” في دعم استكمال مشاريع المياه لبعض المناطق النائية في عدن فضلا عن المساهمة بإمداد شبكة صرف صحي لأحد الأحياء ضمن مشاريع شبكة مساهمتي تنمية الشبابية.

وفيما يبدو لم يعد تأثير المرأة في عملية إحلال السلام محصورا في مساحة ضيقة بل باتت المجالات أوسع و الفرص أكثر، إذ أضحى، وبيان نموذج، للمرأة حضورها و دورها البارز في عملية السلام في كافة الأنشطة والمجالات.

تختلف بيان مع الكثير في المفهوم السائد للسلام على أنه غياب الحرب فقط، فهي ترى أنه أعمق و أشمل من ذلك بكثير، ”السلام حالة من الاستقرار و التعايش و القبول بالآخر في ظل توافر الحقوق و الحريات“.تؤكد.

 

وتضيف:

” السلام رسالة تستطيع التعبير عنها بدءًا من أبسط معاملاتك مع من حولك جيرانك زملائك في الجامعة في العمل و انتهاءً بدورك في نبذ الكراهية و بث روح التعايش في كل المحافل التي  يتواجد فيها الفرد“.

 

وهنا لا تنسى بيان الإشارة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت ساحة لنشر خطاب الكراهية. وهي بدورها ككاتبة سخرت جهودها لنشر محتوى يهدف إلى إحياء روح التعايش و السلام، ذلك لأنها، كما تقول، مؤمنة أن مواقع التواصل الاجتماعي هي المنطلق ”لنتحكم بانفعالاتنا و نروض أنفسنا على تقبل الآخر، ثم لا ننشر أي محتوى من شأنه تأجيج الصراع حتى على مستوى التعليقات لنجعل وسائل التواصل بيئة آمنة لاحتضان كافة الأطياف و الأفكار“.

 

اترك تعليقا