بدأت زهور عبدالرحيم ناصر مشوارها الطوعي منذ نعومة أحلامها، حتى أنها أسهمت في إحلال السلام قبل اندلاع الحرب بسنوات.
كانت ماتزال في الصف التاسع حينما شعرت بانتمائها إلى المتطوعين وأنها شغوفة بما يقومون به من مبادرات؛ لتصبح جزءاً من ذلك المشهد حتى آخر لحظة لها في المدرسة.
اضطرت ناصر بعد التحاقها بقسم الإنجليزي في كلية التربية بجامعة تعز، إلى ”الإبطاء قليلاً من عجلة حياتها الطوعية“ كما تقول، وتوضح:” تطلعي إلى خطف مراتب متقدمة في الجامعة حرمني من شغفي في المشاركة بالمبادرات، لكنني عوضت ذلك بعد حصولي على شهادة البكالوريوس وانضمامي إلى دورات تدريب في معاهد عدة”.
ضاعفت التجارب والخبرات التي حصلت عليها في تلك الدورات حماستها للعمل وتقديم شيء ما لمن حولها، وعوضاً عن أن تكون مشاركة، أسست مبادرة خاصة بها وقادت “رحلة إسعاد الناس”، مثلما تفضل أن تصف ما تقوم به.
تضيف:
”بعد تكوين المبادرة قدمنا المساعدة للناس عبر مشاريع عديدة، كإفطار الصائمين وكسوة العيد وتوزيع الأضاحي، ربما ليست بالأعمال الكبيرة إلا أنها حقاً أسعدت الكثير من الناس وخففت عنهم حدة معارك متطلبات الحياة التي كان عليهم خوضها وحيدين“.
الشابة التي استطاعت إخماد معارك الناس مع الحياة خلال طفولتها، كانت قوية بما يكفي لمواجهة الحرب الحقيقة وقد كبرت.
حالما اندلعت الحرب في مارس/آذار 2015 غادرت زهور مدينتها تعز في رحلة نزوح امتدت لعامين.
تقول: ”انفجرت الحرب وأجبرت على النزوح لمدة عامين، العام الأول قضيته في القرية، والثاني في صنعاء، وكان لي في هذا الأخير تجارب قاسية لكنها قوّتني“.
لم تستسلم زهور لليأس الذي تولد داخلها لكونها أصبحت نازحة كبقية النازحين، ففي فترة وجودها بمدينة صنعاء عملت في جامعة صنعاء كمراقبة للاختبارات بمقابل يومي زهيد، ثم درست السكرتارية في أحد المعاهد الخاصة، قبل أن تعمل مندوبة لشركة إعلانات، وحتى مطلع العام 2017 قررت العودة إلى مدينة تعز.
بعد عامي الشتات عادت ناصر إلى مدينتها وهي أكثر تماسكاً وباعثة أمل من حولها، لم تأخذ قسطاً من الراحة بعد الإنهاك الذي سببته لها الحرب، بل سعت من فورها لتقديم الكثير من العون والمساعدة للمجتمع والمساهمة في بناء السلام عبر مجالات تطوعية عدة.
ومن خلال عملها لدى الصندوق الاجتماعي للتنمية فرع تعز شاركت في تحقيق مشروع السلام والتنمية الذي نفذه الصندوق.
تعتبر زهور هذا المشروع بأنه أبرز إنجازات حياتها حيث عملت لعامين جاهدة لتحقيقه، وتمثل في إصلاح قنوات تصريف السيول بالمدينة التي كانت مغلقة بالمخلفات والأتربة، ولا يقل عدد المستفيدين عن 20 ألف نسمة.
في الوقت الذي كانت القذائف والرصاص تودي بحياة العشرات في مدينة تعز، كان ضعفهم يروحون ضحايا لحرب أخرى صامتة لكنها أكثر شراسة، وهي حرب الحميات القاتلة الناتجة عن تراكم المخلفات في مصارف السيول والتي ساهمت الشابة زهور ناصر في إخمادها بالفعل.
تتحدث عن ذلك قائلة: ”بإصلاح شبكة كاملة لحي سكني متكامل كان يعاني لسنوات منها حل السلام في الحي حيث أصبح السكان يعيشون براحة نفسية وبصحة جيدة خالية من الأمراض والأوبئة المعدية..“.
لم يقتصر نجاحها خلال أربع سنوات بعد عودتها من النزوح في الجانب الطوعي فقط بل شمل الجانب العلمي، إذ لم تكتفي بشهادة البكالوريوس في الإنجليزية، لتدرس تخصص الإعلام في كلية الآداب جامعة تعز وهي خريجة حديثة منه.
بالنسبة لزهور، كل تلك الأعمال مضافاً إليها مشاركتها في المشاريع والأعمال الإغاثية ومساعدة النازحين والتوعية من مخاطر الأوبئة، مع المنظمة الوطنية للتنمية الصحية ومنظمة شباب بلا حدود والصندوق الاجتماعي للتنمية، وجميعة بناء والقافلة للتنمية والإغاثية، تمثل إضافة نوعية إلى سيرتها الذاتية والمهنية، والأهم أنها أرادت بها أن تكون جزءاً في عملية بناء السلام.