آيات ثابت.. همزة وصل بين المجتمع وذوي الاحتياجات الخاصة

تعز | ضيف الله الصوفي

216

 

في اليمن.. كان للمرأة خلال سنوات الحرب الدائرة في البلاد، حضورًا ظاهرا في المستويين الإنساني والاجتماعي، وما زال حضورها يكبر يوما بعد يوم.

عملت المرأة في المجال التطوعي، وكان لها دور إيجابي في تنمية المجتمع وتنويره بثقافة التعاون وغرس مبدأ الألفة، وتعزيز النسيج المجتمعي.. ناهيك عن مبادرات ذاتية يعتبرها كثيرون قصصًا ناجحة.

آيات ثابت.. فتاة في العشرينات من العمر، تنتمي إلى مدينة تعز، جنوب غربي اليمن.. تعمل في مأرب في إدارة مدرسة خاصة بالأطفال.

لاحظت آيات من خلال عملها ان فئة الصم والبكم لا يجدون لهم مكانًا وسط غيرهم من الطلاب.. فما إن يدخلوا مدرسة رفقة أهاليهم حتى يقابلون بالرفض، ليس أمامهم خيار سوى البقاء في المنازل.

ثمة أمور تستدعي شرحها أحيانا، فـ”حرمان هذه الفئة من التعليم يعود إلى عدم قدرة مدارس مأرب على توفير كادر متخصص يستطيع التعامل معهم.. إضافة إلى إحساس الإدارة بالمشكلات التي قد تنتج في الوسط الطلابي كالتنمر، الأمر الذي قد يزيد من تدهور الحالة النفسية للأطفال من ذوي الحاجات الخاصة“، كما تقول.

مشكلة عدم قبول هؤلاء الأطفال، جعل آيات تستشعر حجم الحزن والإنكسار اللذان يغادرون بهما المدرسة فضلا عن التهميش المجتمعي دفعت آيات الى تعلم لغة الإشارة كما تقول

بدأت الرحلة من على منصة يوتيوب حتى أتقنت شيئًا منها ولأنها تعتبر حديثة على هذه اللغة، رأت أن تعليم الأمهات وسيلة قد يثمر عنها نجاحين.. معرفة التعامل المرن مع أطفال المجتمع من ذوي الإحتياجات، ونقل التعاليم، وبعض الأساسيات في المنزل بحسب آيات.

بدأت آيات تدريجيًا التنقل في محيط هذه الفئة، ونجحت في إجراء حوارات مباشرة مع المستهدفين وآهاليهم.

بعد أشهر من فكرتها، نشرت ثابت على صفحتها في فيسبوك معلنة حاجتها لأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة لتعليمهم، لكن استشاريين ومختصين قابلوا هذه الفكرة بالرفض نتيجة لتخوفات من عدم التنشئة التعليمية الصحيحة لأطفال الفئة، إذ يرون أن “هذا المجال يحتاج لمعرفة عميقة لتظهر نتائجه على الواقع” حد وصفهم.

لكن شيماء حميد، مديرة مشاريع مؤسسة سد مأرب تنظر للأمر من زاوية أخرى، تقول: “تكيفت آيات مع العمل التطوعي منذ سنوات، حاولت تطوير نفسها في الجانب العملي، واختارت الجانب الإنساني والاجتماعي وجهة لها.. عملت في أماكن كثيرة، ومبادراتها شملت النازحين، والمستضعفين.. همها إيصال صوت من لم يستطيعوا التحدث عن معاناتهم“.

وتضيف: ” نفذت آيات مع مجموعة من الشباب حملات تلامس حاجة الإنسان مثل التوعية من خطر العنف ضد الأطفال.. تقدم رسائل هادفة من خلال مبادراتها.. ولا زالت تسعى لتتلمس احتياجات الناس”.

 

حلول على ورق!

ستون طالبا من الصم والبكم، يقتعدون أرضية فصل واحد ضمن مدرسة حكومية في مدينة مأرب، يتعلمون على يد مدرب واحد.. لكن ثمة مشكلة تقف في طريقهم، هي العدد الكبير، الذي قد يشتت العملية التعليمية للأطفال الصغار.. تقول آيات:

“المشكلة.. هي جمع الأطفال من الصف الأول حتى الثالث الثانوي في مكان تعليمي واحد”.

يتعرض ذوي الإعاقة إلى تهميش، وعدم اهتمام من قبل الجهات المعنية والمجتمع.. الأمر الذي يضاعف من عزلتهم ومعاناتهم، رغم بديهية هؤلاء، والذكاء الذي يتميزون به، وفق شهادات بعض الآهالي.

بالرغم من التحديات والصعوبات التي واجهتها ثابت، إلا أنها استمرت في نشاطها، والبحث عن حلول وبدائل لتخوفات المجتمع القبلي، وأهالي الأطفال.. ” حاولت طرح فكرة إنشاء مركز متخصص بذوي الاحتياجات، بحيث يحتضن هذه الفئة ويساعد في اندماجها مع المجتمع،

لكن مسألة الدعم والتمويل تظل عائقا أمام التنفيذ”.. موضحة” تقدمت بطرح الفكرة على كثير من الجهات الداعمة من بينها اليونيسف التي أعلنت عن قبولها قبل سبعة أشهر من اليوم، لكنها لم تبدأ بالتمويل”

تستمر ثابت في البحث عن نافذة أمل لتنفيذ مشروعها كي تنال هذه الفئة حقها من الاهتمام.

 

في مخيمات النزوح

لم يقتصر عمل آيات على الأطفال من  ذوي الإحتياجات فحسب، بل حتى في مخيمات النازحين، كان لها بصمة عند الصغار.. ففي مساحة صديقة تابعة لليونيسف عملت الفتاة ضمن مشروع دعم نفسي لعدد من الأطفال استمر مدة خمسين يومًا.. وبعد انتهاء فترة المشروع لم تتخلَ عن الصغار، بل عملت على تطويرهم، وتشجيع إبداعاتهم الصغيرة، والسعي إلى توفير منح مجانية لخمسة عشر نازح في معاهد اللغة الإنجليزية، وما زالت تعمل جاهدة كي لا تعيدهم إلى حياة المخيمات الخالية من النجاح حد وصفها.

 

الطفل إلياس، 15 عامًا، واحد من قصص النجاح التي أخذت مبادرات آيات في نحتها ومساعدة الصغير في إظهار قدراته.. تقول والدة الطفل: ” آيات شجعت ابني وأخذت بيده.. دعمت وسجلت إلياس دورات اللغة الإنجليزية.. كانت تحفزه كثيرًا، عشان يتحمس ويخرج مواهبه.. ولولدي محاولات كثيرة، ونجاحات، اخترع غسالة، وقام بعمل سيارة أيضا.. والآن يواصل أعماله”.

 

وتضيف: “كان ابني يبتكر أشياء، لكن لا يلقى التشجيع، حتى جاءت آيات، وتعرفت عليه.. مجملًا هي من وقفت بجانبه، ولقبته بالطفل الطموح”.

تنشر هذه المادة بالتعاون مع مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي