بين نار الحرب والنزوح ورمضاء الذكورة المجحفة
في خيمة متهالكة بأحد مخيمات النزوح في محافظة عدن جنوب اليمن تعيش “علياء” وحيدة بعد فرار زوجها الذي حول حياتها إلى جحيم، فهو يعنّفها بشكل يومي منذ سبع سنوات، كما تقول، بعدما كانت تحلم بواقع أكثر سعادة يعوضها عن سنوات الفقر والحرمان التي عاشتها مع أسرتها ، لكنها أفاقت على واقع أكثر قسوة!
أصبحت علياء(اسم مستعار) أم لطفلة ذات خمس سنوات، حملت همها منذ أن وضعت حملها، وهي ماتزال فتاة شابة لم تتخط عامها الثالث والعشرين، دون أن تجد حيلة أو وسيلة للعمل الشريف الذي يكفيها حاجتها وحاجة طفلتها.
بين ناري النزوح والبعد عن الأهل
تسرد الأم قصتها بحرقة وعيناها قد اغرورقت بدموعها، بعد أن أستغل زوجها بعدها عن أهلها منذ ست سنوات ومنعها من زيارتهم بحجة أنهم نازحون في محافظة عدن، بينما هي في محافظة الحديدة تعيش مع زوجها الذي أحرمها من أبسط الحقوق في الحياة.
لم تقف معاناتها عند هذا الحد، فهي تتعرض للإهانه والسب والشتم والضرب بشكل يومي من قبل زوجها لتجد نفسها مجبرة على الفرار منه إلى عدن متحدية المسافة والخوف حتى وصلت!!
كالمستجير من الرمضاء بالنار
بعد تجشم الصعاب وتخطي المسافات وصلت إلى عدن وكانت المفاجأة وهي ان أبويها الطاعنين في السن لم يقبلاها في منزلهما بعد أن عادت ومعاها ابنتها لعدم قدرتهما على توفير الاحتياجات الكاملة للأسرة .
العيش وحيدة
تحدق النظر في وجه طفلتها البريئة
قائلةً:” في كثير من الأوقات نبكي سويا أنا وطفلتي”
، واضطرت للعيش في خيمة، تأكل مع جيرانها في المخيم وتنتظر شفقة ابناء المخيم وما يجود به فاعلو الخير ، فهي لاتستطيع توفير ولو مئة ريال كمصروف لها ولطفلتها، حد قولها، بعد أن رفض زوجها أن يطلقها وحرمها و طفلتها من النفقة فهي لم تستطيع حتى رفع دعوة خُلع بسبب وضعها المادي والنفسي المنهار..
أسبــاب العنـف ضد النساء
كثير ما تتعرض النساء في اليمن للعنف بكل عام بناء على خلفيات موروثة أو بسبب العادات والتقاليد.
قول فالنتينا مهدى مدير إدارة الحالات الإجتماعية باتحاد نساء اليمن: إن هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى العنف ضد المرأة منها اقتصادية واجتماعية وأيضا ارتفاع حدة الفقر وانتشار المخدرات وقد ترجع بعض الأسباب للمرأة نفسها نتيجه لعدم قدرتها على الصبر والتحمل لظروف زوجها والوضع الذي تحيط به وبأسرته ، كل هذه الأسباب تؤدي في نهاية الأمر إلى الطلاق ووتصبح الضحية المرأة والأطفال إن وجدوا .
الــوقاية من العنف
تتأذي الكثير من الفتيات من العنف بشكل عام سواء كان جسديا أو نفسيا أو جنسيا وكذا الحرمان التعسفي للحريات في ممارست حياتها العامة وهذا يترتب عليه عواقب نفسية وصحية كثيرة.
“المدرب في النوع الإجتماعي، ميعاد جمن ” لابد من الوقاية بالتوعية بمخاطر العنف خاصة في زواج القاصرات، ولا بد أن يفهم الناس أن الزواج علاقة وطيدة ودائمة بين الرجل والمرأة وهذه العلاقه لابد أن تكون منضبطه وفق معايير إجتماعية ودينية منظمة تجعل السيادة للإثنين الرجل والمرأة مع فارق الأدوار بينهم، الى جانب التوافق النفسي والتوافق العلمي لأن هذا يؤثر فيما بعد على الصحه النفسية للزوجين معا.
يشدد جمن على اهمية وجود ترابط مجتمعي واهتمام بالقضايا المجتمعية من قبل الصحافة والإعلام لأنه يساعد في الوقاية من الوقوع في هذه القضايا لأن أغلب أفراد المجتمع ليس لديهم فهم واضح وكامل، وخصوصا الرجال أو انصاف المتعلمين أنفسهم، ولا يوجد لديهم ضوابط وفق معايير إجتماعية منظمة فقد ورثوا العنف كابر عن كابر”.
في مجتمعنا اليمني يتخذ العنف أشكالا عديدة وضحايا العنف هم النساء وهذا يؤثر سلبا في جميع جوانب الحياة النفسية والعقلية لهن.
وفي هذا الجانب تضيف الناشطة في مجال النوع الإجتماعي، بثية العمري، “في هذه الحالة لابد أولا من الجلوس مع الطرفين كلامها والاستماع الى المشاكل التي يعانيها كل طرف وتقريب وجهات النظر والصلح بينهما بدلا من تفكك الأسرة والمساعدة بدعم الإقتصادي من خلال تمكين المرأة إقتصاديا لتساعد زوجها في بناء اسرتها وتربية ابنائها التربية السليمة والحفاظ على تماسك الأسرة وتقديم الدعم النفسي وجبر الضرر وإصلاحات مجتمعية كمرحلة أخيره عندما تستطيع العودة الى مجتمعة السابق” .
لا استقرار بدون صحـة نفسية
في هذا الجانب يقول محمد الايطالي، مدير (اكسجين حياتك) للصحة النفسية بعدن إن المركز يقوم بدعم النساء المعنفات، سواء كانت المرأة معنفة جسدياً أو نفسياً أو جنسياً أو حتى لفظياً ، وذلك من خلال إقامة مجموعة من جلسات الدعم النفسي الاجتماعي وأيضا الدعم النفسي الفردي إن احتاجت الحالة إلى هذا النوع من الجلسات، أيضا نقوم بتنظيم ورش عمل و توعيات في هذا الشأن، حتى نحد من مسأله التعنيف ومسأله الاعتداء النفسي على المرأة أينما كانت وفي كافه المجالات” .
وأضاف إن المركز يقيم مؤتمرا سنويا بعنوان “لاصحه بدون صحة نفسية”
وهذا المؤتمر يقام للمرة الرابعة والذي يناقش زيادة الاضطرابات النفسية لدى الإنسان وقضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي ووضع الحلول المناسبة لها وكيف يمكن عمل برامج لزيادة تعزيز صحتهم النفسية.
إحصائيات مخيفة
تفشت ظاهرت العنف بشكل كبير بعد حرب عام 2015م، وذلك لعدة أسباب، أهمها استمرار الحرب وغياب الأمن، مما ترتب على ذلك أذى ومعاناة للمرأة، من جميع النواحي.
وبحسب تقرير حديث لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، فإن العنف ضد النساء في اليمن ارتفع بنحو 63%، منذ تصاعد النزاع في سبتمبر/أيلول 2015 ،وفي تقرير صادر عن مؤسسة”أكون” للحقوق والحريات في مدينة عدن، أن نسبة النساء اللواتي تعرضن للعنف والضرب في مدينة عدن، من الزوج في المرتبة الأولى ومن الأخ في المرتبة الثانية، يقارب 90%.
وبلغت نسبة النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب خلال فترة الحرب وفترة ما قبل الحرب ما يقارب 50%، فيما بلغت نسبة قضايا الطلاق والنفقة 80%، ومن ضمنها القضايا المعلقة، وبلغت نسبة النساء اللواتي تعرضن للنصب والابتزاز من قبل الزوج وأهله 60%، وبلغت نسبة التحرش والانتهاك والتمييز بين المرأة والرجل في مرافق العمل 70%، يضاف إلى ذلك نسبة النساء اللواتي يعانين من المشاكل في مجال العمل، وبلغت نسبة تعرّض المرأة للانتهاك من الأهل بالحرمان من التعليم وعدم ترك الحرية لها للاختيار في حياتها سواء على الصعيد العملي أو الأسري 60%.
وبلغت نسبة النساء اللواتي تعرضن للحرمان من الإرث 40%، كما بلغت نسبة النساء اللواتي لديهن قضايا إثبات نسب لأولادهن من طلقتين بنكران أبنائهم 30%، وبلغت نسبة الفتيات اللواتي تعرضن للتحرش الجنسي في المدارس ما يقارب 80%، وقد يكون هذا الانتهاك لفظيا أو حسيا أو من خلال التعامل مع الفتيات وظلمهن في مواد التدريس، بحسب ما جاء في التقرير .
تم إنتاج هذه المادة ضمن حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة والذي تنفذة اللجنة الوطنية للمرأة بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في اليمن