كيف ساهم مغتربون في فتح شريان إلى قريتهم المعلقة

سكينة محمد

199

 

 

“ياربنا بالسيل يارب تسوقه” دعاء ظل سكان عزلة السُهيلى يرددونه لسنوات في مواسم الأمطار، فالمطر بالنسبة لهم كابوس يقطع شريان تواصلهم المتمثل بالطريق الترابي الوحيد الذي يصل العزلة بالعزل المجاورة.

يقول عبدالله اللصب “ منذ قيام الجمهورية في 62 ومع بدء شق الطرقات، شق آباءنا هذا الطريق الوحيد المعلق فوق الجبال، واستمروا في انتظار المشاريع التنموية، لكنها اتجهت صوب العزل المجاورة في مديرية شرعب السلام شمال محافظة تعز وكنا نحن من المنسيين “.

ومع اندلاع حرب اليمن العام 2015 و حصار مدينة تعز من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) وتقسيمها الى جهة تتبع الحكومة المعترف بها دوليا، وجهة اخرى تتبع جماعة أنصار الله (الحوثيين)،وإغلاق المنافذ الرئيسية للمدينة   تحولت الخطوط الفرعية الى خطوط رئيسية .

في ظل تلك الاجواء والظروف نزحت الى عزلة السهيلى بشرعب اسر كثيرة اضيفوا الى السكان المقيمين. الذين تدهور وضعهم الاقتصادي ايضا جراء الحرب وفقدان الوظائف، وتوقف المرتبات وارتفاع اسعار الوقود احتاج الناس الى حلول تمهد لعمليات تنقل بكلفة مناسبة.

 

فرضت اجواء الحرب وتقاسم المدينة على سكان الريف والمدينة التنقل من خلال خطوط التفافية طويلة وعرة ومكلفة غير ان واحدا من تلك الخطوط كان فاتحة الحل لدى آل السهيلي.

 

يمر هؤلاء عند دخولهم الى القسم الاخر من المدينة عبر خط مديرية جبل حبشي وخلال عمليات نزول ركاب وصعود آخرين الى السيارات عبر الطريق الطويل جرتهم الأحاديث الى موضوع ذلك الطريق الذي اعاد ابناء جبل حبشي احياءه من خلال جهود مجتمعية خالصة حلا لمشكلة اجتماعية مؤرقة.

 

استوعب ابناء السهيلى الفكرة بعد عديد اسئلة واجابات فبدأوا من انشاء جروب على تطبيق واتساب اسموه” دروب الخير “.

 

تم إضافة 74 شخصا من سكان عزلة السهيلى وحجاجة المجاورة لها، وبدأوا بإدارة نقاش حول اعادة إصلاح الطريق ورصفه، خلص النقاش الى اجماع بضرورة نقل التجربة فتمت اضافة المغتربين الى الجروب وفتح النقاش معهم حول الفكرة ومن ثم التمويل.

 

خلال العام 2018 كان اهالي العزلتين يشكلون لجنة مشتركة لتولي قيادة مشروع الطريق.

تم رصف 150 مترا طوليا في 4 أمتار عرضا، كمرحلة أولى.

وفي السنة التي تليها تم رصف 55 مترا طوليا بعرض 3 أمتار بحكم الطبيعة الجبلية الصعبة ليصل مجموع ما تم رصفه خلال سنتين 205 مترا تم رصفه بمقاييس جودة جيدة بحسب مقاول المشروع محمد علي وبعض الاهالي.

 

في الجوار تقبع عزلتا بني سري والوريدة اللتان تعانيان ذات المشكلة التي يمكن لاستمرار العمل في اطالة ذات الطريق حلها.

 

بعد جلسات حوار مشترك تم الاتفاق على ضم مغتربين من العزلتين الجديدتين رفدوا المشروع بمساهمات مالية اضافية تمكن العمل من ان يستمر لادخال العزلتين ضمن الخطة والاستفادة من خدمة الطريق.

 

وبحسب مقاول المشروع فقد تم انجاز ” ما نسبته 60% من المشروع الذي بات يقدم الخدمة للعزل الاربع، غير ان العملية تستمر حد وصف المقاول فكلما استوعب المشروع عزلة جديدة انظمت اخرى كما يقول.

 

محمد الفقي مغترب من أبناء المنطقة يقول:

“الجميع يتعاون بما يستطيع، نحاول التعويض عن غياب الخدمات الرسمية في ظل الحرب وانقطاع مرتبات الموظفين والكثير من تعقيدات الحياة، ونعمل حاليا على تجميع مبالغ بسيطة كي نتمكن من دفع مكافآت رمزية لمعلمين متطوعين من اجل ان تستمر مدارس المنطقة في تعليم اطفالنا”.

وموضحا آلية العمل المجتمعي يضيف الفقي “نعمل وفق مبدأ الشفافية وننشر عبر الجروب كشوفات بكل المبالغ التعاونية المقدمة بشكل دوري مع ايضاح مسارات صرفها واهدافها وكيفية ادارتها وهذا ساعد في تنامي الثقة واتساع دائرة الحلول“.

 

تقع شرعب السلام في الجزء الشمالي لمدينة تعز وتبعد عن مركز المحافظة 37كم، وتبلغ مساحتها 210.1 كم2 ويقدر عدد سكانها بـ 109730نسمة وفق تعداد العام 2004.  وتضم المديرية (116) قرية تضمها (18) عزلة.

 

 

تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي