قرية اليهود بيت بوس بصنعاء
يعود تاريخها الى اكثر من ألف عام لازالت صامدة محافظة على سحرها رغم الاهمال
“اليهودي بوسي والبوسي يهودي”
على الأطراف الجنوبية الغربية للعاصمة صنعاء، تقف قرية وحصن بيت بوس كسفينة عالقة، كما لو أن قبطانها تمكّن بأعجوبة من الإفلات والنجاة من رياح عاصفة عاتية، لتبقى سفينته رابضة على اليابسة، شاهدة على أزمنة غابرة، تعايش خلالها اليمنيون مسلمين ويهوداً في مساكن متجاورة، يحيط بهم سور القرية وتجمعهم مصالح شتّى.
إختلفت الروايات في تسمية القرية، البالغ تعداد منازلها أكثر من 300 منزل، وتتبع إدارياً محافظة صنعاء؛ ففي حين تشير بعض المراجع التاريخية إلى أن تسمية بيت بوس جاءت نسبة إلى يهودي يدعى “بوس” بفتح الباء وتسكين الواو، يقال إنه أول من سكن القرية، تشير معلومات أخرى إلى أن التسمية جاءت نسبةً لمؤسس القرية، وهو الملك الحميري ذي بوس بن أيرل بن شرحبيل (ذكره نشوان بن سعيد الحميري المتوفي سنة 573هـ في قوله: أم أين ذويهر وذو يزن وذو بوس وذوبيح وذو الأنواح).
تم تشييد بيوت القرية على قمة الجبل من أحجار الجبل نفسه، بطريقة منظمة متناغمة في شكل تاج يعلو هامة المرتفع الجبلي، بطريقة توضح مدى عبقرية التصميم والمعمار اليمني القديم.
وتطل القرية على واد يضم مجموعة من الحقول الزراعية على امتداد البصر، كان يملكها سكان القرية، الذين شيدوا بيوتهم على هذا الجبل من أجل التحصين، قبل أن يلتهم العمران الحديث تلك الحقول في السنوات المتأخرة,ويوجد في المنطقة الغربية من القرية نقوش يقال إنها باللغة الحميرية، وتقول المراجع إن القرية كانت خاصة باليهود لكنهم كانوا متجاورين مع المسلمين في نفس المنطقة.
وبحسب روايات متعددة فإن القرية يعود تاريخها إلى أكثر من ألف عام، وتقول روايات أخرى إن اليهود خرجوا من القرية بعد أن طلب منهم الإمام يحيى بن حميد الدين الخروج من القرية والتنازل عن أملاكهم.
وتحولت قرية اليهود إلى أطلال مهجورة، إلا أن بعض الأسر اليمنية المسلمة الفقيرة لا تزال تعيش في القرية.
وبسبب الأحداث الأمنية المضطربة انخفض عدد الزوار من السائحين حيث كان يزورها شهريا أكثر من 44000 سائح من مختلف البلدان.
وتعرضت القرية للإهمال وبدأت بعض مبانيها تتهدم وجدرانها تتصدع، ويقول سكان في المنطقة إن القرية كانت تحفل بعدد من الصناعات التقليدية والفخار والآثار التاريخية التي تم نهبها خلال ال
وفي تاريخ بناء القرية، تذهب الروايات المتعددة للقول إن بناء القرية يعود إلى ما قبل 2500 عام، فيما روايات أخرى تقول إن تأريخها يعود إلى أكثر من ألف عام.
وتشير الروايات التاريخية إلى أن حصن بيت بوس بقي لفترة طويلة محل تنازع الطامعين بالسيطرة عليه، باعتباره حامية طبيعية على مدينة صنعاء من جنوبها الغربي. ففي عام 289هـ قام آل طريف بالإستيلاء عليه بعد انشقاقهم عن الدولة اليعفرية، وكانوا يستخدمونه كسجن لاحتجاز المساجين المهمين. وفي عام 450هـ، استولى عليه الصليحيون، وقاموا بترميمه في عهد الملكة أروى بنت أحمد الصليحي؛ وتقول بعض الروايات إن الملك أحمد بن علي الصليحي، زوج الملكة أروى، سكن حصن بيت بوس لفترة من الزمن، ثم تعرض الحصن للإهمال مع تعاقب الدويلات على اليمن، حتى قيام الدولة الطاهرية عام 910هـ، حيث أعيد ترميم الحصن، الذي ما يزال يحوي بين جنباته إلى اليوم الكثير من القصص والأسرار، وماتزال صخوره المنقوشة بخط المسند شاهدة على عراقة حضارة، وجور إهمال.
علي محمد قائد، من سكان القرية، يروي روايةً مغايرة وهي متداولة على نطاق واسع في الأوساط الإجتماعية. فتحت عنوان “اليهودي بوسي والبوسي يهودي” يسرد أن حادثة قتل وقعت يُعتقد أن الجاني فيها من غير الطائفة اليهودية، وأن صلحاً وقع بين أبناء الطائفتين عقب الحادثة، يقضي بأن يتم التعامل مع أبناء الطائفة اليهودية مثلهم مثل غيرهم من أبناء القرية وسكانها. ويضيف قائد أن “ما يسري على البوسي يسري على اليهودي سواسية”، ومن ذلك جاءت العبارة الشهيرة “اليهودي بوسي، والبوسي يهودي”، وهي عبارة متداولة في الأوساط الإجتماعية في ضواحي صنعاء على نطاق واسع. وأياً كانت صحة تلك الروايات، فإن نقوشاً حميرية على جدران مباني القرية تؤكد أن القرية كانت تضم في جنباتها يهوداً ومسلمين، وشواهد حضارة إنسانية عريقة، وما إقبال آلاف السياح الأجانب عليها شهرياً – قبل الإضطراب الأمني-
ماذا تعرف انت عن حصن بوس ؟؟
ننتظر مشاركتكم بـ التعليقات…