” من لا شيء إلى شيء “، هذه عبارة تختزل الإرادة الذاتية، لمن أراد أن يكون رقمًا صحيحًا في الوجود، فعّال، له حضوره المشهود، تمامًا كإيمان العريقي، المنتشية بهذه الجملة، وهي تقولها بابتسامة النجاح، بعد رحلة عملية متقلبة الأحوال، مليئة بالكفاح.
في الأربعين من عمرها، لكنها لم تستسلم، رغم سلسلة مشاريعها الموءودة بفعل أسباب خارجة عن إرادتها، على رأسها الحرب، المعائق الأكبر لأي محاولة في هذه البلاد.
ملّت إيمان حياتها التقليدية، والروتين اليومي الذي تفرضه عليها، وأعلنت تمردًا من نوع آخر، تكسر به الروتين، وتعلن قدرتها على فعل شيء يمنحها المزيد من الحيوية، ويجعلها ذات فاعلية أكبر، كان ذلك في عام 2009، حين قررت العمل من المنزل، بتجهيز مأكولات لجهات عدة، وكان النجاح سيد الموقف، ودافعًا كبيرًا نحو ما تريد الوصول إليه.
بعد ذلك التحقت إيمان بتدريبات نوعية لدى الغرفة التجارية بتعز، إنها تفكر أن تصبح رائدة أعمال، في مجتمع ينظر للمرأة بأنها لا تجيد سوى البقاء في المنزل، تقول عن تجربتها:
“تطورت كثيرًا بعد التحاقي بتدريبات الغرفة التجارية، بعدها شعرت بتغيير كبير، لقد تغير تفكيري من إنسانة بلا هدف، إلى إنسانة لها أهداف وأفكار”.
على إثر ذلك بدأت إيمان رحلتها العملية، حين أسست مشروعها “هاوس فوود”، ولكن -كالعادة- الحرب تسببت في فقدان مشروعها بشكل جزئي، لتعود إلى المنزل وتمارس عملها منه مجددًا، أجبرها على ذلك توقف صرف الرواتب، كما تقول.
في المنزل، درست إيمان مشروعًا جديدًا، لا يبعد عن الأكل، لكنه مرتبط بالثقافة، كانت تهدف إلى أن يكون مطعمًا ثقافيًا، يقدم فيه الأكل الهندي والمصري والحبشي، غير أنه مني بالفشل؛ لضيق المكان، وانقطاع الكهرباء، وعوامل أخرى ساهمت الحرب في أن تكون معيقًا لإيمان.
مطلع 2018 حصلت إيمان على فرصة مثالية، وهي تفكر بمشروع نوعي، صادفت إعلانًا لبرنامج تدريبي من نوع آخر، يهدف البرنامج إلى تمكين المرأة بشكل مشترك، غذ يتكفل بنصف الكلفة، مع تدريب مكثف لمدة ثمانية أشهر، وهو ما وفقت فيه إيمان، لتتمكن من الوصول إلى حلمها المنشود، مشروع جديد في تعز، يحمل في طياته ثقافة مرتبطة بواقع اليمنيين، وتاريخهم.
مزجان كافيه، أول مشروع من نوعه في تعز، وبشكل متفرد قررت إيمان أن يكون مشروعها مختلفًا هذه المرة، وبكل إصرار لن تتنازل هذه المرة عن حق الاستمرار، لقد بذلت كل شيء للوصول إلى مشروعها المنشود، واستطاعت.
مصاعب جمة، وتحديات عدة اعترضت طريقها، وبكل تأكيد كان انتشار فيروس كوفيد19 هو التحدي الأصعب، فإيمان توشك أن تدشن المشروع، والفيروس يضرب العالم، ولم تتوقع أن يصل اليمن، وتعز تحديدًا، تقول إيمان.
لا مجال للتأجيل، سنة كاملة ونحن نجهز، لقد حان الوقت لنعلن البداية، وننتصر على كل المعوقات التي نواجهها، ولن يكون ذلك إلا بالتدشين، حسب قولها.
التزمت إيمان بالتدابير الخاصة للوقاية من فيروس كورونا، وعملت من مزجان كافيه، متخذة كل التدابير الوقائية، لحماية عملائها، حتى تلاشى الفيروس، وعادت الحياة بصخبها من جديد، في تعز على الأقل.
اليوم، إيمان مثالًا رائدًا، لكل فتاة تبحث عن النجاح والتميز، وقد انتصرت على كل ما واجهها، وحققت حلمها في مشروع نوعي، بكل اقتدار.