طعام مفقود …

نجم المريري " خاص إب "

0 371

في الصباح الباكر من كل يوم، يتناول أفراد عائلة” آسية دبوان” خبزا ناشفا من بقايا ليلة البارحة، ثم ينتشرون في اتجاهات مختلفة بحثا عن طعام لليوم الجديد. مرت سنوات أربع وهم يجابهون الجوع على هذا النحو، يقصد الأطفال القرى توسما في جود سكان الريف، وتسعى الأم في شوارع المدينة وسوقها القريب، فيما يشرع الأب في البحث عن عمل لا يعثر عليه؛ ليعود الجميع منهكا وجائعا في المساء، يحدوهم أمل التعافي من آلام معداتهم الفارغة في اليوم المقبل.

قبل الحصول على موضع خيمة في محافظة إب اجتازت العائلة درب نزوح شاق، تقول “آسيا”:

” فررنا من الموت والجوع في تعز، موتنا أو حياتنا لم يكونا يعنيان للمتحاربين الكثير فنحن لا نشبههم، كانت رصاصاتهم وشظايا قذائفهم تتساقط على روؤسنا باستمرار، وسرعان ما انهار كوخنا المصنوع من الأخشاب والصفيح، فقط استطعنا الخروج بالأطفال ونزحنا إلى حيس”

تصوير - امين القواس / مدينة إب
تصوير – امين القواس / مدينة إب

لكنهم لم يكونوا قد نعموا بالسكينة حين اقتربت المعارك نحوهم ثانية، وقسرتهم على شق طريق نزوح آخر.

” لم يتسامح معنا السائق في نقص الأجرة، ومع أنه أخذ كل المال الذي نملكه، فقد رمانا في جولة كبيرة، وقال وصلنا إب، الجاحد! تركنا بلا ماء وأكل وغادر”

تصمت” دبوان” لبرهة وكأنها تتذكر تيه اللحظة ثم تتابع” بقينا في الجولة من الظهر وحتى ساعة الغروب، لم نكن نعرف أحدا، ضللنا نسأل كل من نقابله عن مأوى قريب، ولو لليلة واحدة، ليدلنا أحدهم على مبنى في طور الإنشاء، ومكثنا فيه بعد إذن مالكه.” رغم تردي المبنى وعدم صلاحه للسكن قد يبدو أن الأسرة عاشت فيه وقتا من الرفاهية مقارنة بحالها بعد إخلائه لأجل استكمال الإنشاء، حين اتخذت من هيكل سيارة قديمة مأوى لها، قبل الحصول في النهاية على خيمة صغيرة. ومع تعدد الأمكنة هكذا في رحلة نزوح عائلة “آسية”؛ لم يعف أفرادها ولو لمرة من مشقة البحث عن الطعام.

اترك تعليقا