“حرب ودمار” عنوان عام دراسي جديد في اليمن

محمد المياس

0 884

 

في اليمن آلاف المدارس توقفت بعد أن تحولت إلى ركام بفعل الحرب الدائرة منذ خمسة أعوام وكان ذلك عائقا أمام استمرار التعليم في البلاد فضلا عن الانتهاكات التي تعرض لها المعلمين اليمنيين، والمعاناة التي عانوها جراء انقطاع مرتباتهم، نتيجة النزاع المستمر ..

 

عام دراسي جديد يستقبله الملايين من الطلاب والطالبات في اليمن على ركام المدارس التي دُمرت بسبب الحرب المشتعلة في البلاد منذ عام 2014 كما أن هذا العام لن يكن أكثر حظا على اليمنيين من الأعوام السابقة في ضل استمرار الحرب وتفاقم الخلافات بين الأطراف المتصارعة ..

مدارس تحولت إلى ركام

لم يكن العام الدراسي الجديد أكثر حظا من الأعوام السابقة، إلى جانب الحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من 5 سنوات بل أن في كل عام ومع استمرار الحرب تزداد الانتهاكات وتتضاعف أعداد المدارس المدمرة

في مطلع العام الجاري 2020، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، في تقرير عن وضع التعليم، إن عدد المدارس التي توقفت عن العمل بسبب الصراع في اليمن بلغت أكثر من 2500 مدرسة، دُمر نحو ثلثيها (66 في المئة) بسبب العنف المباشر، وأُغلقت 27 في المئة منها، وتُستخدم سبعة في المئة منها لأغراض عسكرية أو أماكن إيواء للنازحين ..

فيما وثقت “مواطنة” أكثر من 2000 واقعة انتهاك على المدارس منذ بدء الصراع وحتى 2019. خلال 2018 فقط وثقت “مواطنة” ما لا يقل عن 60 واقعة اعتداء واستخدام للمدارس، منها واقعتا هجوم جوي، و22 واقعة احتلال، و36 واقعة لأشكال أخرى كالاقتحامات، إضافة إلى حالة انفجار ذخائر تم تخزينها في مستودعات قريبة من مدارس أوقعت خسائر كبيرة في صفوف الأطفال.

تصوير أحمد الباشا - تعز
تصوير أحمد الباشا – تعز

معلمون ضحايا الراتب

خلال فترة الحرب الدائرة تعرض التعليم في اليمن لأضرار كبيرة طالت بنيته التحتية ويعيش مايقارب 200 ألف معلم معاناة انقطاع الراتب منذ عام 2016 الأمر الذي أثر تأثيرا سلبيا على حالتهم النفسية والاقتصادية ..

في صنعاء معلم أقبل على الانتحار، بعد أن أغلقت الدنيا أبوابها أمامه، وأصبح يعيش ظروفا مأساوية بالغة التعقيد.

رمى المعلم بنفسه من على مبنى برج الأدوية بصنعاء، بعد عجزه عن سداد ديونه المتراكمة بسبب توقف راتبه منذ ثلاث سنوات، وأقدم على الانتحار بعد تلقيه إحضارا من قسم الشرطة، بموجب شكوى تقدم بها صاحب البقالة التي يستدين منها ..

المعلم عبدالله عميرة هو الآخر كـ غيره من المعلمين كابد ظروف الحياة المعيشية القاسية بعد انقطاع المرتبات طيلة خمس سنوات كان الرصيف وساحات الحدائق العامة الملاذ الآمن ومحطته الأولى التي يمد فيها جسده المنهك وينام بعمق، ومطاعم العاصمة صنعاء كانت محطته الثانية التي يذهب اليها فترتي الغداء والعشاء حيث يجود عليه الناس بماتبقى من موائدهم كي يسد بها جوعه فكانت ظروفه أشد قسوة حيث طرده صاحب المنزل بعد أن عجز عن دفع الإيجارات المتراكمة عليه كما عجز عن شراء الدواء ليلتهم المرض كليتيه.

وفي ظل النزاع الذي تشهده اليمن، تعرض المعلمون لمختلف الانتهكات الجسيمة، والمخالفة لجميع قوانين حقوق الإنسان من اختطاف، وقتل، وايقاف للمرتبات؛ وتتحدث تقارير حقوقية عن مقتل وإصابة اكثر من 1700 معلم منذ اندلاع الحرب في اليمن.

 

التعليم مسألة صعبة

تصوير اكرم الراسني – تعز

 

بعد فقدان اليمنيين لرواتبهم ومصدر دخلهم الوحيد باتت عملية توفير المستلزمات الدراسية لأبنائهم مسألة صعبة ومكلفة الأمر الذي فاقم من نسبة التسرب من التعليم الذي يعاني منه اليمن كثيرا منذ اشتعال الحرب..

 

الطالب يعقوب عبده ( 15 سنة ) يشكو بدوره من وضع أسرته المعيشي ويقول بأن أسرته تعطي الأولوية لتوفير المتطلبات الأساسية من المأكل والمشرب على توفير متطلبات المدرسة ..

 

ويضيف يعقوب لـ Humans Of Taiz ”

عدم مقدرة أبي على توفير المتطلبات الأساسية لنا في القرية بسبب البطالة والحرب أجبرت على ترك المدرسة والسفر إلى مدينة الدمنة للعمل منظفا في أحد الفنادق “

وفي 5 اكتوبر من هذا العام ذكر بيان مشترك لصندوق “التعليم لا يمكن أن ينتظر” و”الشراكة العالمية من أجل التعليم” ومنظمتي الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) والأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، إن الوضع المزري في اليمن أدى إلى خروج أكثر من مليوني طفل من المدرسة.

وأضاف البيان، أن 5.8 مليون طفل كانوا مسجّلين في المدارس وهم الآن عرضة لخطر التسرب.

تصوير جهاد محمد – صنعاء

التعليم في خطر

في اليوم العالمي للمعلم، أصدرت منظمتا اليونيسف واليونسكو بياناً مشتركاً، رجّح أن يؤدي المزيد من التأخير في دفع رواتب المعلمين إلى “الانهيار التام لقطاع التعليم والتأثير على ملايين الأطفال اليمنيين”، معلناً أن “المطلوب تأمين ما لا يقل عن 70 مليون دولار أميركي لدفع رواتب المعلمين في اليمن خلال العام الدراسي 2020/2021.

ووفقاً لمنظمة “يونيسف”، فإن توقف رواتب المعلمين يهدد بحرمان (4.5) ملايين طفل في اليمن من الدراسة، ويعرّض (13) ألف مدرسة، تُمثّل حوالى (78)% من إجمالي المدارس في اليمن، لخطر الإغلاق.

وكانت منظمتا “مواطنة” و”سيزفاير” قد حذرتا في تقريرهما مؤخرا من أن “واقع العملية التعليمية في اليمن أصبح أكثر مأساوية من أي وقت مضى”

 

 

اترك تعليقا