جنات في جحيم المخيم

عبدالملك النمري - خاص إب

0 640

جنات في جحيم المخيم

هذه جنات، أخبرتنا أن عمرها الآن قد يكون عشر سنوات تزيد أو تقل، كان واضحا أنها خمنت ذلك فحسب، مع هذا لم نلحّ بالسؤال؛ نظرا لأننا قابلناها بينما هي منهمكة بجلي أواني المطبخ، كان منظرها مؤلما وهي جالسة على الحجر الصغير ذاك، وكفها النحيل يهرش أسطح الأواني المتسخة ببقايا الطعام ودخان الموقد. قدمت جنات من الحديدة إلى المخيم وسنها لا يتجاوز السادسة، لهذا من المؤكد أنها مهرت هذا العمل المنزلي الشاق خلال السنوات الأربع التي قضتها بداخله.

في مخيمات النازحين تحتاج العائلات إلى كميات وفيرة من المياة، ولأجل توفيره تقطع النساء، بمن فيهم الأطفال، مسافة طويلة، في هذه الرحلة الشاقة لطالما رافقت جنات أمها وعادت حاملة دبة ثقيلة فوق رأسها، مع ذلك يبدو أنها أيضاً لم تعد تفرح بهطول الأمطار

” الخيام هشة، إذا حدث وأمطرت، يدخل إليها الماء من كل مكان، دائما أنا وأمي نحاول سد الثقوب والفتحات التي يتسرب الماء منها بملابس وأكياس من البلاستيك، لكن بلا جدوى، فكل شيء يتلطخ بالوحل”

تصوير – امين القواس

. وحينما سألناها عن الحياة في المخيم أجابت:” أخس حياة”، ورفعت بظهر كفها المبلول خصلة من شعرها، ثم التقطت وعاء نحاسيا لتنظفه.

حياة الطفلة جنات ليست في معزل عن باقي الأسرة بالطبع، غير أنها على الأرجح تماثل حياة أخيها الأكبر، فكما أجبر على التخلي عن آخر عام له في جامعة الحديدة، هي أيضا لم تعد تذهب إلى المدرسة القريبة بعد إغلاقها بسبب جائحة كورونا، ومثلها مصير الأطفال في المخيم، وإن هي أفضل حال منهم إذ لا تزال تتلقى بعض الدروس من والديها المتعلمين، كما وإن تطابقت أمنيتهم مع أمنيتها في العودة للعيش بين حيطان من الخرسانة لا من القماش، فهي تسبق الجميع بحلم أن تصبح محامية في المستقبل.!

 

.

اترك تعليقا