في البداية انطلق “محمد شلاع “وعائلته الصغيرة إلى اللاوجهة، الحرب اندلعت بشكل مفاجيء في مكان إقامته بمحافظة الحديدة ولم تمهله ليقرر إلى أين سيذهب، فقط أخذ طفلتيه وزوجته ومضى تقوده غريزة البقاء، في الرحلة تلك لم يكن شلة يفتقر إلى محطة الوصول فحسب، نقوده أيضا كانت يسيرة بالكاد تحمله إلى حيث ينخفض صوت الاشتباك.
انقضت ثلاثة أعوام على وصول العائلة إلى هذا المخيم في محافظة إب، إلا أن محمد(22عاما) لا يزال يتذكر بوضوح كيف غادر قريته أول مرة
” فرحتي بإجلاء طفلتي وزوجتي من بين النيران طغت على غيرها من المشاعر، وكانت تزيد كلما ابتعدنا، لكنني الآن أؤكد لك أن الأسوأ كان في انتظارنا، وصولنا إلى هنا استغرق ثلاثة أيام، في اليوم الأول انفقنا كل النقود التي لدينا، بإمكانك تخيل ما عانيته أنا وابنتي الصغيرتين وأمهم قبل أن نحصل على الخيمة هذه”. مع ذلك لا يبدو أن المخيم نهاية جيدة لرحلة نزوح الأسرة، لا لتردي الحياة فيه، بل لأن مالك الأرض لا يتوقف عن المطالبة بإخلاء المكان.
في المدينة الجديدة، كان على”شلة” أن يكسب المال، فالمعونات التي توزعها المنظمات لا توفر الاحتياجات الأساسية، فضلا عن أنها تأتي في فترات متباعدة. بأجر بلغ خمسين ألف ريال(..$) عمل لدى إحد مستشفيات المدينة في قسم الطوارىء، كان المبلغ الذي يكسبه من العمل يغطي إلى حد ما احتياجات العيش الضروري، رغم ذلك اضطر للتخلي عنه مع انتشار جائحة كورونا خوفا من أن ينقل الوباء إلى أفراد العائلة، بعدما تركته إدارة المستشفى، في مكانه الحساس، يواجه المصابين بلا وسائل وقاية، ليزيد ذلك من تردي الوضع المعيشي للأسرته.
كم كل ما نفتقر إليه نحن في المخيم.!
..