بين مطرقة المرض وسندان النزوح – خاص الحديدة
ينتاب “نجود مدهش”(٣٠عاما) قلق بالغ كلما غادر زوجها فجرا للبحث عن عمل، حيرى تراقب خطواته الواهنة وهو يعبر ساحة المدرسة حتى يبتلعه الزقاق البعيد، لا تدري هل تدعو له بأن يحصل على عمل ويرجع في المساء بأكياس الفاكهة والحلوى أو يعود سريعا حاملا في عينيه انكسار الدنيا؟ هي تعلم أن العمل سبيل الأسرة الوحيد لجني المال، لكنها تدرك أيضا كم هو مرهق على صحة الزوج، الأمان الأوحد لها ولطفليها في حياة التشرد التي يعيشونها.
قدمت “مدهش” نازحة من الحديدة إلى تعز، مر على ذلك مدة تزيد عن عام ونصف قضتها، هي وزوجها والطفلين وأسرة أخرى نازحة، في فصل إحدى مدارس المدينة. لم تستطع أخذ شيء من بيتها لظراوة القتال
” فررنا بسلامة أرواحنا، لم نحمل ملابس ولا أي شيء آخر” تقول نجود وتضيف شاردة كأنها تذكرت شيئا مؤلما: ” حتى أشياءنا الثمينة تركناها هناك، وقلوبنا أيضا، ليس ثمة مكان أحن على الإنسان من منزله، لولا الفزع الذي أحسسته في عيون أطفالي وصراخهم، لكنت بقيت في منزلي ولما غادرته إلى مكان آخر”.
تعتمد الأسرة الصغيرة في توفير غذائها الآن على معونة المنظمات التي لا تأتيها بانتظام، مع ذلك ليس الجوع الهاجس الوحيد الذي يؤرقها، بل توشك حاجتها الملحة للأدوية أن تتساوى مع احتياجها اليومي للطعام، فأحد الأبناء يعاني تكسرا في الدم، وتشكو الأم من آلتهاب المرارة، بينما لا يتوقف الأب عن التوجع من كليتيه رغم خضوعه لثلاث عمليات جراحية، التزامات صحية يلجأ الأبوان عادة للإيفاء بها إلى الإستدانة، خصوصا مع عجز الأب عن تحمل مشقة العمل.
التجربة المريرة مع الأمراض حفزت الأسرة، خصوصا الأم، للتعامل بجدية مع تفشي فيروس “كوفيد١٩”، وباستثناء التباعد الإجتماعي غير الصالح للتطبيق في أماكن تجمعات النازحين، أكدت “مدهش” أنها عملت جاهدة على إتباع إرشادات الوقاية من الفيروس.