” كنا نفر إلى المزارع المجاورة كلما تصاعدت وتيرة الاشتباك، وذلك غالباً ما يحدث في ساعة متأخرة من الليل، كنا ندرك جيدا هشاشة المنازل التي نسكنها وأنها ستسقط حتما على رؤوسنا فيما لو تعرضت لقصف، لهذا كنا نتسلل نحو المزارع وننام مع الأطفال هناك، وكانت السماء فوقنا تضج بالقذائف وأزيز الطائرات”
. هكذا تصف أم منصور حسان(30عاما) جانبا من الذعر الذي عاشته مع أسرتها(8 أفراد) جراء احتدام النزاع المسلح في الحديدة.
كان لأم منصور منزل واسع بحوش وحديقة خلفية، إلا أنها تركته خلفها بعد شهر من الذعر المتواصل لتبدأ فصلا قاسيا من النزوح والتشرد. قصدت العائلة، في البداية، منطقة القاعدة الواقعة بين محافظتي تعز وإب، لكنها لم تلبث أن غادرتها ،لارتفاع إيجار الشقق هناك، وعن ما حدث بعد ذلك تقول الأم
” عدنا من القاعدة إلى منطقة حمير إلا أنها كانت قريبة من خطوط التماس، ما دفعنا إلى النزوح من جديد، لينتهى بنا المطاف إلى هذه المدرسة بمدينة تعز، وهأنا وعائلتي نسكن في هذا الفصل منذ ثلاثة أعوام”.
المسكن الحالي الضيق دائما يذكر أم منصور بمنزلها الفسيح، لذا فهي لا تتوقف عن الحُلم بالعودة إليه، بصوت حزين تضيف:” لم نعد نحتمل العيشة هذه، نريد للحرب أن تنتهي كي نرجع إلى بلادنا” ثم لاذت بصمت مفاجيء. وحين استأنفت الحديث عن ولدها المريض كانت دموعها الغزيرة قد بللت خدهيا الضامرين “أصيب ولدي الأكبر بشحنة كهربائية في الدماغ نتيجة للضغط والوخوف الذي سببه الحرب، إنني أخاف بشدة عليه خصوصا وأنا لا أستطيع أن أوفر له الدواء، ولدي فلذة كبدي، لقد انتظرت عشر سنوات قبل أن أنجبه، لكنني أوشك الآن على فقدانه هكذا بمنتهى البساطة”.